على الرغم من الحلف التاريخي بين المملكة والولايات المتحدة الأميركية، إلا أن العلاقة السعودية مع روسيا ومن قبلها الاتحاد السوفييتي حافظت على توازن واستقرار دائم، حيث كانت روسيا تتطلع دائماً إلى التقارب مع المملكة في مختلف العهود، كما كان الاتحاد السوفييتي أول بلد اعترف بالمملكة العربية السعودية في فبراير عام 1926. في عهد صانع التغيير في المملكة، صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، تكتسب العلاقة مع روسيا ألقاً خاصاً بعد أن أثبتت المملكة بما لا يدع مجالاً للشك ثقلها الإقليمي والدولي وقدراتها الكامنة التي بدأت بالانفتاح على العالم. في هذه الأثناء وجدت روسيا نفسها متورطة بتحالفات مع «الرجل المريض» -إيران- الذي ينازع في غرفة الطوارئ التي حبسته فيها عقوبات ترمب، القرار الذي يجمع المراقبون على أن دبلوماسية ولي العهد الأمير محمد بن سلمان أسهمت فيه بشكل مباشر. وفي مقدمة الأولويات التي تقرب بين الرياضوموسكو مصير الطاقة العالمي وخاصة النفط والغاز، حيث كان أهم أهداف اللقاء السعودي - الروسي الاتفاق على كمية الإنتاج النفطي في المرحلة المقبلة وإيجاد آلية لتحقيق الاستقرار لأسعار النفط. ومن التغيرات الجيوسياسية المهمة في المنطقة العربية اليوم، الخلافات التي تظهر بالعلن والخفاء بين الصديقين اللدودين إيرانوروسيا، حيث كان الاستقبال الحافل لنتنياهو في موسكو قبل توجيه الضربة الأكبر لإيران في سورية من قبل إسرائيل بمثابة هدية من موسكو لتل أبيب وافتتاح لعهد جديد أعطت فيه روسيا الضوء الأخضر لسحق إيران في الأراضي السورية. ويدرك بوتين بفهمه العميق للمنطقة أن التحالف مع إيران المثقلة بالعقوبات والضغط الداخلي والهزائم الخارجية لن يفيده في مرحلة الاستقرار المقبلة خاصة أن الأرض السورية التي يطمح بوتين لمكتسبات فيها لم تعد بحاجة لميليشيات إيران بعد أن تطهرت تقريباً من أي وجود مسلح. وفي حديث للخبير في السياسات الخارجية - تيودور كاراسيك- لجريدة «الرياض» يقول إنه يرى مصالح مشتركة كثيرة بين الثلاثي (موسكووالرياض وأبوظبي) والكثير من الفرص الاستثمارية المشتركة المهمة التي ستقرب روسيا سياسياً من هذا الحلف العربي. ويضيف كاراسيك، المصالح الروسية مع المملكة أهم بكثير من العبث الإيراني فهي متركزة حول أضخم القطاعات حيث يرى كاراسيك مستقبل وطموح سعودي - روسي مشترك في قطاعات الطاقة والتكنولوجيا والذكاء الصناعي والروبوتات. ويرى كاراسيك أن هذا التعاون لن يفيد البلدين اقتصادياً فقط بل سيسهم بتخفيف الصراعات في اليمن وليبيا وسورية. ويؤكد كاراسيك أن العوائق أمام حلف روسي - إيراني كثيرة بسبب الخلافات المتجذرة والعميقة ففي آسيا الوسطى ترتفع حدة التوترات بين روسياوإيران التي تمول أقليات في أذربيجان مثل «التاليش» لتتمرد وتزعزع الوضع الأمر الذي يغضب روسيا. كما يشير كاراسيك إلى الخلافات الكثيرة بين الروس والإيرانيين في سورية مختتماً «روسيا اليوم لاعب أساسي في طرد إيران من منطقة بلاد الشام، وإيران تعلم هذا جيداً والمستقبل لعلاقة إماراتية - سعودية - روسية مميزة». Your browser does not support the video tag.