كعادته العيد يهلّ علينا في موعده.. لا ينتظرنا من أجل أن نلملم أحزاننا.. أو نغسل دواخلنا من الوجع.. أو نتخفف من الهموم.. أو نتداوى من الآلام.. يأتي العيد في موعده.. لا يتأخر حتى نمنح وجداننا لحظات خالية من الشوائب حتى نتمكن من استقباله بفرح وبهجة مثلما كنّا نستقبله ونحن صغار تغمرنا البراءة.. ونختزن داخلنا البسمة نصدرها للآخرين دونما آسباب.. وتتسع صدورنا لمساحات من الأفراح رغم أنه لم يكن لدينا الكثير من مسببات السعادة التي نمتلكها الآن ومع ذلك كان كل شيء بسيط وعادي.. وغير مهم يثير البهجة في دواخلنا ويشعل نفوسنا بالفرح ويغمرنا بالحياة الصاخبة..! لم يتغير العيد فهو يحضر في موعده.. ولكن نحن من تغيرنا.. ومع ذلك علينا أن نحتفل به وأن نفرح.. وأن نحاول أن نغوص في شعور الافتتان بالعيد.. وإن لم نتمكن فلنحاول أن نلامس تلك الفرحة.. من خلال إسعاد الآخر حولنا.. أو التمتع بالنظر إلى فرحة الأطفال بالعيد وسعادتهم باللبس الجديد.. وفرحتهم باستلام العيدية.. وجمع النقود.. ولو أن العيد أصبح بالنسبة لأغلب الأطفال أسرياً.. ومقتصراً على زيارة الأقارب الأقربين..! يحضر العيد كعادته.. لا ينتظرنا حتى نغادر تلك الجدران التي استكننا داخلها.. ولا ينتظر أن نتخلص من كل سلبيات أشهر طويلة تملكتنا ومنحت وجداننا علاقة مستدامة.. ولا ينتظر أن ننتهي من صفحات ذلك الكتاب الكئيب الذي لا بد من استكمال صفحاته.. هو يحضر وعلينا أن نلملم أوراقنا البائسة ونتخلص منها ولو مؤقتاً من أجل أن نفسح المجال له.. لا عليه من تلك الأوراق المتناثرة هنا وهناك.. ولا يهتم بجمعها أو حرقها أو التخلص منها.. فحضوره يعني ترك أغلب الأبواب مفتوحة إن لم ترد أن تدخل أو تخرج منها فغيرك ينبغي أن يدخل، ويخرج فالعيد فرحة الجميع وبهجتهم وأيامه تجمع الناس على الحب.. وتشيع عطر المحبة.. وتداول ساعات الفرح واجتماع الأسرة لتعرف ما يفيض عن معرفتك عن مفهوم العيد وسعة أيامه التي تغمر الناس بالسعادة..! نحتاج للفرح.. مهما غمرتنا الأحزان.. وغاب عنا من نحبهم.. فهذه هي الحياة لا شيء فيها مستدام أو ثابت.. وعلينا أن نتعايش مع الفراق ومع الفقد.. ومع تغير دواخلنا ومع قاعدة أننا لم نعد نحن.. ولكن ما زلنا نعيش وما زلنا أصحاء وحولنا من نحبهم.. وما زال العيد يأتي بفرحته نراها في عيون من نحبهم..! عيدكم مبارك.. وكل عام وأنتم بخير وصحة وسلام وعافية.. عيد مبارك لكم ولمن تحبونهم.. عيد فرح وسرور.. تمتعوا بأيامه وأسعدوا بلحظاته.. تشرق عليكم شمس أيامه بالسكينة والمودة والبهجة.. جعلكم الله من عواده دائماً سالمين غانمين..! Your browser does not support the video tag.