تحتضن الدرعية التاريخية عدداً من المباني التاريخية ومنها المساجد التي كانت مقراً لجمع الناس. ويعد مسجد السريحة التاريخي أحد أقدم المساجد في الدرعية التاريخية وفي منطقة الرياض، حيث يعود تاريخه إلى أكثر من 300 عام. وقد ألف المؤرخ راشد بن محمد بن عساكر كتيباً عن المساجد والأوقاف القديمة في الدرعية تحدث فيه عن مسجد السريحة، الذي كانت تقام فيه الدروس العلمية، وتولى الإمامة فيه عدد من علماء الدين في الدرعية، وقال إنه على الضفة الشرقية لوادي حنيفة مقابلاً لحي الطريف من الجهة الشرقية الشمالية، ويعرف هذا المسجد منذ القدم بهذا الاسم. وأشار إلى أن المسجد جُدد ورُمم قبل أكثر من نصف قرن، وتم الانتهاء منه في 16 صفر 1375ه، بحيث أُزيل الحصى والخشب الخاص بهذا المسجد ووُضع بدلاً منه خشب جديد. وتناول العساكر عدداً ممن كان يدرس في المسجد وأئمته، وقال: «ممن كان يقيم حلقات التدريس فيه منذ أوائل القرن الرابع عشر الهجري الشيخ إبراهيم بن عبدالعزيز الطويل، حيث كان يقوم بتعليم الأهالي قراءة القرآن الكريم وبعد وفاته عام 1366ه تقريباً، ثم تولى عبدالله بن محمد العواد (أبو نجم)، التدريس بقرب هذا المسجد، ومن أئمته الشيخ عبدالله بن علي بن مقحم المتوفي عام 1339ه وكان كاتباً للوثائق في الدرعية موثوقاً بخطة وعُرف عنه الأمانة والصدق رحمه الله. ثم تولى الإمامة بعده ابنه علي بن عبدالله بن مقحم ثم إبراهيم بن عبدالله بن مقحم». وقد افتتح الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني رئيس مجلس أمناء مؤسسة التراث الخيرية مؤخراً مسجد السريحة في الدرعية التاريخية بعد الانتهاء من ترميمه على نفقته في إطار برنامج إعمار المساجد التاريخية الذي تتبناه الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بالشراكة مع وزارة الشؤون الإسلامية ومؤسسة التراث الخيرية. ويعد مسجد السريحة أحد المساجد الثلاثة التي تبرع الأمير سلطان بن سلمان بترميمها في الدرعية التاريخية، إضافة إلى مسجد الظويهرة في حي البجيري، والذي تم افتتاحه ضمن افتتاح الحي في جمادى الثاني 1436ه، ومسجد الدواسر الذي يشهد حالياً مشروعاً لإعادة بنائه، بالإضافة إلى عدد من المساجد التاريخية في الدرعية التاريخية التي تم ترميمها بمشاركة المجتمع المحلي والمحسنين. كما يأتي المسجد ضمن برنامج العناية بالمساجد التاريخية في محيط مشروع الدرعية التاريخية الذي يحظى برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله - ويشمل ترميم 34 مسجداً تاريخياً بإشراف الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني ووزارة الشؤون الإسلامية والهيئة العليا لتطوير منطقة الرياض ومؤسسة التراث الخيرية. ويعد مسجد السريحة من أبرز المساجد التي تم ترميمها ضمن برنامج إعمار المساجد التاريخية الذي أطلقه الأمير سلطان بن سلمان في إطار اهتمامه بكل ما له صلة بخدمة بيوت الله والتراث العمراني الإسلامي، حيث بدأت مؤسسة التراث الخيرية القيام بدورها في الاهتمام بالمساجد في المملكة، وأخذت على عاتقها منذ بداية إطلاقها للبرنامج العام 1418ه أهمية توثيق وترميم عدد من المساجد العتيقة في جميع مناطق المملكة وقراها. ويشمل نطاق عمل البرنامج حصر المساجد المعنية، ووضع خطة علمية لتوثيقها، وترميمها بالطريقة التي تضمن المحافظة على طابعها العمراني، كما يشمل العمل وضع برنامج زمني، وميزانية تقديرية لترميم المساجد التي تم حصرها، وتأهيلها وإعادة بناء بعضها، بالإضافة إلى وضع تصور حول إنشاء وقف استثماري يدعم ما تحتاج إليه المساجد من صيانة مستقبلاً. Your browser does not support the video tag.