سجّل التاريخ موقف المملكة الثابت والمناصر للقضية الفلسطينية، فمنذ تأسيس المملكة على يد المؤسس الملك عبدالعزيز -رحمه الله- اتصف الموقف السعودي بالثبات تجاه قضية العرب الأولى والدعم والمساندة على مختلف الأصعدة العسكرية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية، من أجل تحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني في بناء دولته المستقلة. العطاء السعودي انتفض الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- ضد وعد بلفور في مفاوضات وادي العقيق مع الحكومة البريطانية العام 1926م. وأغاث الشعب الفلسطيني بالأموال والمواد الإغاثية في ثورة البراق العام 1929م، وثورة فلسطين الكبرى العام 1936م. كما وجه -رحمه الله- في العام 1943م، بتأسيس قنصلية عامة في القدس، لتسهيل الاتصالات مع الشعب الفلسطيني وتيسير الدعم لقضيته العادلة. وشهد العام 1945م لقاءً تاريخياً مع الرئيس الأميركي في ذلك الوقت فرانكلين روزفلت، والذي انتهى بتفهم أميركي لقوة وتصميم الموقف السعودي تجاه القضية الفلسطينية، ومن ثم تهدئة الأوضاع. وفي العام 1947م، تصدى الملك المؤسس لقرار تقسيم فلسطين، وحرك الجيش السعودي لنصرة الفلسطينيين لاستعادة الأرض العربية المحتلة في حرب العام 1948م والتي ارتوت وقتها أرض فلسطين بدماء شهداء سعوديين، كما قدمت المملكة كافة أشكال الدعم المالي والسياسي للفلسطينيين وحشدت دول العالم لمساعدتهم. انتصار العرب وفي العام 1956م، سخرّت المملكة جميع إمكاناتها للوقوف بجانب مصر في حرب العدوان الثلاثي عليها، وقطعت النفط عن السفن البريطانية والفرنسية. كما شهد العام 1964م، تبرع المملكة خلال قمة الإسكندرية بمبلغ خمسة ملايين جنيه إسترليني للفلسطينيين. وفي العام 1969م، دعت المملكة لعقد مؤتمر قمة إسلامي لإنقاذ الأقصى بعد تعرضه لعملية حريق مفتعل، وأثمرت القمة عن إنشاء منظمة المؤتمر الإسلامي. أما في حرب أكتوبر العام 1973م، لعبت المملكة دوراً مهماً في انتصار العرب على إسرائيل، بالدعم المادي وقطع البترول عن الغرب، لدرجة دفعت الرئيس المصري الراحل أنور السادات للتصريح قائلاً: "إن الملك فيصل هو في الحقيقة بطل العبور". مشروع السلام وفي العام 1982م، طرحت المملكة مشروع السلام الذي عُرف فيما بعد باسم (مشروع الملك فهد للسلام)، وكذلك (مشروع السلام العربي)، والذي نص على ثمانية مبادئ من بينها انسحاب إسرائيل الكامل من جميع الأراضي التي احتلتها في 1967م بما فيها القدس العربية، وإزالة المستعمرات الإسرائيلية المقامة على الأراضي العربية، وضمان حرية العبادة وممارسة الشعائر الدينية لجميع الأديان، وتأكيد حق العودة للشعب الفلسطيني، وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، وحق جميع دول المنطقة في العيش بسلام إذا نفذت إسرائيل المطالب العربية. الدعم المالي بينما في قمة الخرطوم 1967م، قدمت المملكة تبرعاً كبيراً للشعب الفلسطيني، وألزمت نفسها بتقديم دعم مالي سنوي لهم، وفي قمة الجزائر العام 1987 خصصت المملكة دعماً شهرياً مقداره ستة ملايين دولار للانتفاضة الفلسطينية، بعدما قدمت للانتفاضة الأولى والصليب الأحمر مبلغ 3.4 ملايين دولار لشراء أدوية ومعدات طبية وأغذية. كما أعلنت في قمة بغداد العام 1978م، عن تقديم دعم سنوي للشعب الفلسطيني قدره مليار وسبعة وتسعون مليوناً وثلاث مئة ألف دولار، يستمر لمدة عشر سنوات من العام 1979م وحتى العام 1989م. وخصص الصندوق السعودي للتنمية خلال مؤتمرات الدول المانحة (من العام 1994 حتى العام 1999م)، مبلغ 300 مليون دولار كبرنامج إنمائي لفلسطين يهتم بقطاعات الصحة والتعليم والإسكان، مع الإعفاء الجمركي للمنتجات الفلسطينية. وفي قمة القاهرة العام 2000، اقترحت المملكة إنشاء صندوقين لفلسطين الأول باسم (صندوق الأقصى) وتبرعت له بمبلغ 200 مليون دولار، والثاني باسم (صندوق انتفاضة القدس)، وتبرعت له بمبلغ 50 مليون دولار، على أن يكون رأس مال الصندوقين مليار دولار. هذا وتصدرت المملكة قائمة الدول والهيئات ال20 الأكثر دعماً للشعب الفلسطيني، بإجمالي منح ومساعدات تصل إلى 148 مليون دولار، وفقا للأمم المتحدة. وتصدت المملكة لما أقدمت عليه إسرائيل ببناء جدار الفصل العنصري حول الأراضي الفلسطينية، وقدمت مذكرة احتجاج لمحكمة العدل الدولية في لاهاي، حتى صدر قرار المحكمة رقم (28/ 2004) وتاريخ (9 / 7/ 2004م) بعدم شرعية هذا الجدار وطالبت إسرائيل بإزالته. واستقبلت المملكة اللاجئين الفلسطينيين، وتكفلت بنفقة الحج لأسر الشهداء الفلسطينيين كل عام. نصرة الأقصىويواصل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- تأكيده على مواقف المملكة الثابتة من القضية الفلسطينية. فقد دعمت المملكة ميزانية السلطة الفلسطينية لأربعة أشهر من أغسطس وحتى نوفمبر 2017م شهرياً بمبلغ يقارب 7.7 ملايين دولار شهرياً، وأيضاً تم تقديم 40 مليون دولار لشهري فبراير ومارس 2018م بواقع 20 مليون دولار شهرياً. ووقف الملك سلمان ضد إقدام إسرائيل على إغلاق أبواب المسجد الأقصى أمام المصلين المسلمين، وحرك العالم لإعادة فتح المسجد المبارك، وهو ما جعل السفير الفلسطيني لدى المملكة باسم الأغا يقول: إن المملكة عملت بصمت ودون ضجيج إعلامي لأنها لا تبحث عن الضجيج الإعلامي، بل عن النتائج على الأرض وتحقيق الإيجابية. كما أكدت المملكة أن القرار الأميركي بنقل السفارة إلى القدس يمثل انحيازاً كبيراً ضد حقوق الشعب الفلسطيني التي كفلتها القرارات الدولية. وأضافت أنها سبق أن حذرت من العواقب الخطيرة لمثل هذه الخطوة غير المبررة لما تشكله من استفزاز لمشاعر المسلمين حول العالم. Your browser does not support the video tag.