تشهد المملكة انخفاضا ملحوظا باستهلاك الطاقة وخصوصا النفط ومشتقاته بسبب سياسات الطاقة الحكيمة التى اعتمدتها المملكة، ولقد بلغ استهلاك المملكة للنفط بالربع الأول من العام الحالي 2018 نحو 2.04 مليون برميل باليوم وهو الأقل فى أربع سنوات. حيث بلغ استهلاك المملكة للنفط في العام 2015 نحو 2.13 مليون برميل باليوم، وكانت القمة باستهلاك النفط بالربع الأول من العام فى 2016؛ حيث وصل الاستهلاك اليومى إلى 2.2 مليون برميل، ومن المعلوم أن أى انخفاض بالاستهلاك المحلى سينعكس إيجابا على الصادرات النفطية. ويعد البنزين والديزل الوقود الأهم لقطاع النقل عالميا ومحليا ويشهد استهلاكهما ارتفاعا على مستوى العالم، ولقد بلغ الاستهلاك المحلي للبنزين في شهر مارس 2017 حوالي 616 ألف برميل باليوم مرتفعا بنحو 40 ألف برميل عن استهلاك مارس 2016م أى بزيادة 7 %. وفى مارس 2018م انخفض استهلاك المملكة للبنزين إلى 581 ألف برميل باليوم "بحسب تقرير أوبك الأخير" وهو انخفاض ملحوظ ويقدر بنحو 6 % عن شهر مارس 2017م وذلك بعد التعديلات الأخيرة في أسعار الوقود. ولو رجعنا إلى تاريخ استهلاك المملكة للبنزين بالربع الأول من كل عام لوجدنا ارتفاعات سنوية كبيرة ولكنها مفهومة في ظل عدم وجود وسائل نقل أخرى إلى جانب السيارة، فلقد بلغ استهلاك المملكة للبنزين بالربع الأول من العام 2005م حوالي 290 ألف برميل باليوم، وارتفع بالربع الأول لعام 2010م إلى 420 ألف برميل وفى العام 2015 وصل الاستهلاك اليومى إلى 555 ألف برميل، وهذا يعنى أن استهلاك المملكة للبنزين تضاعف في حوالي 10 سنوات وفي هذه الفترة شهدت المملكة ارتفاعات كبيرة بعدد السكان بالإضافة إلى نهضة حضارية وعمرانية في جميع مناطق المملكة. واستمر الاستهلاك السنوي للبنزين في الربع الأول بالارتفاع، ففي العام 2016م ارتفع إلى 585 ألف برميل باليوم وهو ارتفاع بنحو 30 ألف برميل، ولكن معدل النمو هدأ قليلا في 2017م إذ وصل الاستهلاك اليومي في الربع الأول إلى 590 ألف برميل وهي زيادة بسيطة مقارنة باستهلاك العام 2016م والحقيقة أننا بدأنا نشهد اختلافا بنمو الاستهلاك منذ 2017م. وفي الربع الأول لعام 2018م انخفض الاستهلاك اليومى للبنزين بالمملكة إلى 550 ألف برميل وعاد إلى مستويات استهلاك العام 2014م وهذا يعكس آثاراً حميدة لتطبيق الإصلاحات الاقتصادية بالبلاد، وباختصار وصل استهلاك المملكة للبنزين إلى القمة خلال العامين 2016م و2017م. وأما استهلاك الديزل والذي يستخدم كوقود للنقل وتوليد الطاقة فلقد تغير المشهد بصورة كاملة وبعد أن وصل الاستهلاك المحلي قبل سنوات إلى أرقام عالية لا يمكن تغطيتها من المصافي المحلية ليتم استيراد جزء منها وبالأسعار العالمية لتباع بأرخص الأثمان، فلقد انخفض الاستهلاك المحلي بالربع الأول 2018م إلى 505 آلاف برميل باليوم بعد أن كان بالربع الأول 2015 نحو 685 ألف برميل وهذا يعني انخفاضا بحوالي 26 %. ويرجع السبب الرئيس إلى انخفاض استهلاك الديزل إلى تقليل استخدامه بتوليد الكهرباء. وباستهلاك 550 ألف برميل بنزين و505 آلاف برميل ديزل تكون المملكة قد خفضت استهلاك البنزين والديزل بحوالي ربع مليون برميل باليوم خلال سنتين، وأصبح استهلاكها اليومي للبنزين والديزل 1.055 مليون برميل. وبذلك تصبح المملكة في المرتبة 13 عالميا باستهلاك البنزين والديزل معا بعدما كانت في العام 2016م بالمرتبة التاسعة. لاشك أن خفض المملكة لاستهلاك البنزين والديزل "وهما أغلى المشتقات النفطية" يعد إنجازا أكثر من رائع لأنه يعني الترشيد الحقيقي لاستهلاك أحد أهم المواد الاستراتيجية بالعالم "وقود السيارات" ويعزز التصدير والفائدة الاقتصادية من الموارد الناضبة. ولقد شهدنا مؤخرا ارتفاعات كبيرة بتصدير المملكة للديزل وصلت بالربع الأول لعام 2018م إلى نحو 0.8 مليون برميل باليوم لتصبح المملكة إحدى أهم دول العالم بتصدير الديزل وهذا سينعكس إيجابا على الاقتصاد وعلى البيئة وعلى تقليل الازدحام المروري في الطرقات. *خبير في صناعة التكرير والبتروكيميائيات د. سليمان صالح الخطاف * Your browser does not support the video tag.