أثبتت مشاكل العمل والعمال في إيران، والإضرابات العمالية، فاعليتها وخطورتها على الأنظمة المتعاقبة في إيران، فمن خلال تنظيم إضرابات في المنشآت النفطية عام 1979، نجح عمال النفط الإيرانيين بإبطاء الإنتاج النفطي إلى حد كبير، ترافق هذا مع إضرابات عمالية واسعة جردت الشاه من أي سند اقتصادي له في البلاد، الأمر الأساسي الذي أدى إلى إسقاط نظام الشاه في نهاية المطاف. وككرة ثلج تتدحرج فتزداد ضخامة، تتضخم مشاكل إيران الداخلية ولاسيما الاقتصادية منها، لتدفع المئات من المواطنين كل يوم إلى الاضراب عن أعمالهم التي لم يتقاضوا عليها أي مرتبات في الأشهر الأخيرة، وذلك للتظاهر والاحتجاج علّهم يلقون آذاناً صاغية. وكانت آخر محطات الاحتجاج في إيران مدينة "يزد" وسط البلاد، حيث أعلن عمال الصلب وعاملين في المشافي في مدينة الأحواز إضرابهم عن العمل، كما احتج موظفو السكك الحديدية بالقرب من تبريز، وسائقو الحافلات التي تسيطر عليها شركات خاصة تابعة للحرس الثوري الإيراني. كما تخرج كل يوم عشرات الاحتجاجات من العمال في إيران، وهو مؤشر يدل على عمق الأزمة الاقتصادية والضغوطات التي يخضع لها زعماء إيران بعيداً عن تحدياتهم الخارجية الكثيرة، حيث فشلوا في العامين الماضيين في التعامل مع الأزمات الاقتصادية التي فجرت الغضب الشعبي، خاصة أن السنوات الماضية -كان يفترض- أن تكون الأفضل من الناحية الاقتصادية بعد أن تدفقت مليارات الدولارات إلى ايران من جراء الاتفاق النووي في العام 2015. وازدادت حدة الاحتجاجات ابتداءً من شهر مايو في ظل تخوف شعبي إيراني من تفاقم الوضع الاقتصادي. وترتفع أسعار المواد الغذائية في إيران بشكل يفوق سعرها الحقيقي وخاصة البيض واللحوم والخبز، حيث ارتفعت أسعارها بأكثر من 10 ٪ خلال بضعة شهور، وانخفض التومان الإيراني بحدة مقابل الدولار، دون أن تزداد الرواتب أو تنخفض أسعار السلع. على هامش هذا الوضع المزري، تنفق إيران مليارات الدولارات على دعم الإرهاب في سورية واليمن ولبنان والعراق. ويقول محتج إيراني ل"الرياض": غالباً ما يتعرض المحتجون بعد أن يتم تصويرهم وتوثيق أسمائهم للاعتقال، وإن لم يكن كذلك فإن القوات الأمنية في الشوارع تستهدفهم بالضرب. وأكدت ناشطة إيرانية قائلة "إن مشاكلنا ليست اقتصادية فقط مع هذا النظام، بل أيضاً اجتماعية، فهو نظام لا نشبهه ولا يشبهنا، يريد تطبيق كل شيء بعيد عن ثقافتنا الإيرانية بالقوة والعنف والاعتقال". ويتخوف قادة إيران من ظهور عدد كبير من نقابات العمال المستقلة والتي ينظر إليها كتهديد محتمل لوجود النظام، وتعتبر الدولة هذه النقابات غير شرعية أو قانونية وتطالب الشعب بالاكتفاء بالجماعات العمالية التي يؤسسها النظام، حيث اقتحمت قوات الأمن منازل في الأحواز واعتقلت 12 من عمال الحديد والصلب المنظمين للإضرابات. Your browser does not support the video tag.