من الواضح أن برنامج التخصيص الذي تبنته الدولة، ضمن رؤية 2030 سيتم تنفيذه بإصرار، خلاف محاولاتنا السابقة في هذا الموضوع، وسنجد بعض الخدمات الحكومية، وقد أصبحت تُقدم من قبل القطاع الخاص، بعيداً عن الصيغة التي سيتم بها ذلك التخصيص، سواء تمليكاً كاملاً لأصول حكومية، أو شراكة، أو استئجاراً طويل الأجل أو خلاف ذلك. سنجد أنفسنا يوماً ما وقد أصبحت الخدمات التي اعتدنا على الحصول عليها من قبل أجهزة الحكومة تقدم إلينا من شركات أو جهات تدار بأسلوب وطريقة الشركات، مثل ما حدث ذات يوم لشركة الاتصالات السعودية. هنا، لن أتعرض للأسلوب والإجراءات التي ستتبع أثناء عملية التخصيص، وأنبه إلى بعض ما قد يحدث خلال ذلك من أخطاء، لأن تلك التجاوزات والأخطاء، رغم أهمية الالتفات إليها والعمل على تفادي وقوعها قدر المستطاع، قد تكون مؤقتة وتنتهي بانتهاء عملية التخصيص ذاتها.. إلا أن ما يهمني كثيراً ويحتاج العناية والتركيز من الآن هو ما سيتم بعد أن تنتهي الرحلة وتبدأ شركات القطاع الخاص تقديم خدماتها إلينا. كيف ستدار هذه الشركات؟ وكيف ستقدم خدماتها بالطريقة التي يتطلع إليها المواطن من حيث الجودة والسعر؟ وكيف نضمن، نحن المواطنين، وجود منافسة كافية وعادلة بين تلك الشركات، تمنع عنّا تفرد عدد محدود من الشركات بتقديم تلك الخدمات، وبالتالي إيثار مصالحها ومصالح أعضاء مجالس إداراتها وجهازها التنفيذي على حساب جيب المواطن؟ وقبل ذلك ما هي الآلية التي ستحد من أن تكون تلك الشركات مرتعاً لتوظيف الأصدقاء والمقربين وأبناء المنطقة والقبيلة؟ إن تجربتنا مع شركة الاتصالات السعودية لم تكن موفقة في بداياتها، الأمر نفسه يتكرر مع شركة المياه الوطنية، وبالذات ما حدث في أسعار بعض الخدمات التي تقدمها الشركة، وما حدث ويحدث من أخطاء في أنظمة الفوترة لتلك الشركات لدرجة أصبحت معها عبارة "ادفع ثم اعترض" الرد الجاهز لموظفي خدمات العملاء في تلك الشركات. لابد أن نتأكد أن التخصيص سيضمن بيئة تنافسية عادلة تقدم من خلالها الخدمات بما يحقق مصالح الشركات ويضمن نموها وازدهارها، وفي الوقت نفسه يحمي المواطن من جشع تلك الشركات واستغلالها لحاجته. Your browser does not support the video tag.