من الأمور التي تعوق حركة التغيير والتجديد هي الاستسلام لما تعودنا عليه، فالبعض يرى من الصعوبة الخروج على ما اعتاد عليه حتى وإن ترتب على ذلك أضرار مالية أو صحية أو اجتماعية، وفي عالم التسويق تركز الشركات على ما يعتاد عليه الناس أكثر من مسألة الجودة، فإذا اعتادوا على اسم لحليب أو جبنة تصبح عالقة في أذهان المستهلكين بفضل التعود والارتباط الذهني والنفسي بها أكثر من موضوع الجودة والسعر. على مستوى تعاملنا مع المشكلات نجد أكثر ما يؤزم الأمور لدى من يتعرض لمشكلة أن موضوع البدائل لا يحظى باهتمامه، فيتجه إلى التمسك بحل واحد ومحدد ويتمسك به ولا يتنازل عنه، مما يزيد من تفاقم المشكلة وعدم الوصول إلى حلول؛ لأن ثقافة البدائل عنده لا تشكل أهمية بالقدر المطلوب لارتباطها في أذهان البعض بعملية التنازلات ودرجات نسبية الحل، فقد يرى البعض أنه إذا بحث أو اتجه إلى بدائل أخرى فإن ذلك يعني قبول نسب أقل من الحلول أو المزيد من الاضطرار والخسائر. الإنسان يواجه الكثير من الأحداث والمشكلات والمواقف طوال حياته، وقد يرتكب الحماقات في التعامل معها لإصراره على الحل الأوحد والخوف من التغيير وعدم قبوله بالحلول البديلة مهما اختلفت نسبة إيجابياتها، فهي في آخر المطاف حلول، ويستخدم أسلوب التفكير الحدي والمتصلب الذي يجعله في آخر المطاف من الخاسرين، وهناك فئة من الناس ممن يطلق عليهم أصحاب التفكير المتصلب أو المتحجر أو أصحاب التفكير المتمركز حول الذات، هؤلاء الأشخاص يجدون أنفسهم غير قادرين على التقبل والتعامل وتفهم الحلول البديلة. وإذا سألت أحدهم ما هي الحلول البديلة للمشكلة أو الموقف أو الوضع القائم تجده عاجزاً وحائراً، وهذا في ظني يعود لسبب ضعف مستوى التفكير التحليلي والتجريدي الإيجابي لديه، هذه النوعية تجدها تكرر السلوك السلبي نفسه في حل المشكلة حسب وجهة نظره، وبالطريقة والتكرار نفسيهما. إلى جانب سيطرة مشاعر القلق والخوف من القادم والذي عادة ما يكون سلبياً على مستوى التفكير، هناك علاقة قوية بين التفكير المنطقي العقلاني والواقعي وبين ثقافة التغيير والبدائل. وهناك علاقة طردية أيضاً من الخوف من التغيير والخوف من كل ما هو جديد ومختلف وعصري وواقعي، وبين ضعف مستوى القدرات المعرفية والإدراكية لدى البعض، ولذلك من صفات الشخصية القيادية أنها لديها القدرة على إدارة التغيير بحكمة. وهناك من يقاوم التغيير بالتمسك بنص الأنظمة على حساب روحها وحيويتها وديناميكيتها، ويخاف من طرح الحلول ومن النقد، ويتجه إلى الحلول المعقدة الصعبة التي تحقق له الأمان النفسي وبعض المصالح الثانوية، والتي قد تكون في بعض الأحيان لا شعورية مما تجعله يقاوم بشراسة وبنوع من العدوانية. اليوم قد يظهر شيء جديد وهو فئة تقاوم مقاومي التغيير فتزيد الطين بله؛ لأن ما يريدونه من تغيير لا يمشي على هواهم، وفي هذه الحالة سيتحول الموضوع إلى الإقصاء، وضعف في مستوى الشركة، ويتولد لنا فئتان ينشغلون ويضيعون وقتنا ومواردنا في مقاومة بعضهم البعض، وفي النهاية نتجمد مكاننا ولا نصل إلى حل. Your browser does not support the video tag.