تمر بعجوزٍ يقطع الشارع فتوقف مركبتك جانبًا وتأخذ بيده إلى جانب الطريق. تجد غريباً يسير وحيدًا بين الجموع وحينما تقع عينه بعينك تشرق في وجهك ابتسامة! تطرق على صديقك نافذة عزلته، ثم تدس في جيب معطفه أغنية وتمضي. عوضاً عن إرضاء بقايا ضميرك بمنح بقايا طعامك لعامل النظافة تدعوه لمشاركتك وجبتك في المطعم. تكتب رسالةً في مكانٍ عام كالطائرة مثلاً، تكتب فيها لمن سيجلس بعدك: «عش كما لو أنك الإنسان الأول، تكتشف النار لأول مرة، تحاول أن تبتكر الكلمات من جديد، تغسل أحزانك في النهر مع قميصك الذي صنعته من أوراق السدر، تحاول أن تستدرج النهر إلى كوخك، ترسم حبيبتك بأحجار الفحم على جدران الكهف، تصنع ربابتك الأولى من زقزقة العصافير، ورقرقة الماء، وحفيف أشجار السدر، عش حياتك الأولى هذه المرة». في المقهى لا تستخدم المحارم الورقية لمسح بقايا القهوة المنسكبة على أطراف الطاولة، حتى الطاولة كذلك تحب ارتشاف القهوة مثلك.. بل اكتب على ذلك «المحرم الورقي» رسالة شكر بسيطة لعامل المقهى علك تدخل الفرحة في قلبه! وأنت في طريقك إلى الاحتفال بالعيد والبهجة مر دار الأيتام في مدينتك، وخذ معك هدايا يسيرة للأطفال ألعاباً، دمى، حلوى، وانظر كيف تشعر بالعيد حقًا في عيون الصغار! قبل أن تأخذ أطفالك في نزهة، مر والديك تحسس حاجاتهم، لاطفهم واقضِ وقتًا ممتعًا برفقتهم، ثم خذهم معك في نزهتكم، وستشعر حينها بالنزهة الحقيقية! تسمع في أحد قروبات الواتساب أحدهم سيجري عمليةً جراحية ويحتاج لمتبرعين بالدم، ومع أنك لا تعرفه شخصيًا، ولكنك تذهب على الفور إلى المستشفى وتتبرع بدمك لا لشيء سوى لتنقذ إنساناً! تسأل عن أصدقاء والديك، تبحث عنهم وتصلهم فبرّك بوالديك بعد موتهما ببرّك بأصدقائهما! تجتهد في تربية أبنائك، تجلس معهم وتغوص في تفاصيل مرحلتهم العمرية، تشاركهم آراءهم وتطلعاتهم، وتستثمر فيهم، وتقضي وقتًا محددًا كل يومٍ برفقتهم. تسمع خطيب الجمعة يتحدث عن فضل زيارة المرضى، وأن الملائكة تحف زائر المريض حتى ينتهي، فتهب مسرعًا وتأخذ معك باقة ورد تهدي منها كل مريض وردة، تدخل بها البهجة والسرور لأناس لا تعرفهم ولا يربطك بهم شيء سوى رابط الدين والوطن. هذه التفاصيل الصغيرة جدًا ما تجعل منك إنساناً. Your browser does not support the video tag.