يقول أحدهم: مشكلة ظهور الحقيقة أنها تدمر إشاعات جميلة ومثيرة. تلك مقولة طريفة وفيها شيء من الصدق، فالإنسان قد يسمع أخباراً يفرح بها لفترة زمنية محدودة قبل أن يتضح أنها إشاعة. مجرد حلم جميل من أحلام اليقظة. المؤسف أن الإشاعات في معظمها سلبية ومزعجة وتسيطر على الإشاعات الجميلة، وكأن أخبار الحروب والصراعات غير كافية لإزعاج العالم! أما المشكلة الكبرى فهي تصديق الإشاعات، واختراعها، ونشرها، والتمسك بها حتى بعد انكشاف زيفها. ومن يفعل قد لا يكون هدفه التسلية بل إثارة البلبلة أو السعي نحو أهداف خاصة لا تتفق مع مصالح المجتمع. قد تتضمن تلك الأهداف خيانة الوطن وهذه خدمة للأعداء تقدم بأساليب مختلفة. هذا النوع من الإشاعات يستحق التدمير لأنها تسعى لتدمير الوطن. أحد أساليب مكافحة الشائعات عدم نشرها. الإشاعة لا تحتاج إلى تعريف، يكفي أنها عكس الحقيقة، فهي أخبار كاذبة بدون مصدر موثوق لكنها تنتشر بسرعة أكبر من الأخبار الصحيحة. استخداماتها وأهدافها متعددة، ليست محصورة في القضايا الاجتماعية، أو أخبار المشاهير. هي أحيانا سلاح من أسلحة القوة الناعمة، تستخدمها الدول في المنافسات السياسية والاقتصادية كما تمثل أحد الوسائل الفعالة في الحروب النفسية التي قد تكون سببا في تحقيق الانتصارات العسكرية. ومن الشائعات المزعجة التي لا معنى لها، ولا هدف، وإنما مجرد عبث لا يرتكبه العقلاء نشر خبر عن وفاة إنسان ثم يتضح لاحقا أنه خبر كاذب. أما الشائعات الأكثر خطورة فهي الشائعات التي تهدد الأمن، ووحدة المجتمعات وتعرض حياة الناس للخطر، ومنها ما يتعلق بالمواد الغذائية والأمراض وهي مع الأسف متزايدة ومسببة للقلق. ومع وسائل الاتصال الحديثة ظهرت شائعات من نوع جديد لا تكتفي بنشر خبر كاذب بل ترفق معه الصور، وحين تصل إلى المتلقي يسارع في توزيعها على معارفه دون التأكد من حقيقتها، وفي حالات كثيرة تنتشر أخبار وصور مرعبة يتم تداولها، ثم يثبت لاحقاً أنها كاذبة. إن القضاء على الشائعات بشكل نهائي هدف يصعب تحقيقه. هذا لا يمنع من وجود حلول تساهم في تحجيمها والحد من خطورتها من خلال التوعية، والشفافية، ومحاسبة مصدر الشائعات. في عالم السياسة والإعلام تأتي قناة الجزيرة في مقدمة الوسائل الإعلامية المتخصصة بالأخبار الزائفة، وصناعة الشائعات لخدمة أهداف سياسية والإساءة لدول ومجتمعات معينة. هذه القناة خدعت المشاهدين في بداية انطلاقتها، وصدق البعض أنها قناة حرة مستقلة تناصر حقوق الشعوب في طلب الحرية والديموقراطية، اتضح للمشاهد فيما بعد أن شعارات هذه القناة كانت شعارات كاذبة وغطاء لنشر الشائعات والأكاذيب المدمرة للأوطان وليس الأفراد فقط. Your browser does not support the video tag.