قبل عام أنشئ المركز الوطني للتخصيص، ويرتبط تنظيمياً بمجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، ويتولى مسؤولية تنفيذ عمليات تخصيص خدمات وأصول حكومية مختارة، وهي إحدى الأولويات التي تم تحديدها في رؤية السعودية 2030، إلى جانب تمكين القطاع الخاص الداخلي والعالمي من المساهمة المستمرة في اقتصاد المملكة، من خلال تسهيل نقل ملكية الأنشطة الاقتصادية والخدمات والأصول المملوكة للحكومة إلى القطاع الخاص. ورغم ما حققه المركز من صياغة اللوائح، وإنشاء أطر التخصيص بالتعاون مع الجهات ذات الاختصاص، وإعداد الكيانات الحكومية المستهدفة بالتخصيص للتوافق مع متطلبات القطاع الخاص، إلاّ أن الحاجة تبدو قائمة لتحويل المركز إلى هيئة وطنية مستقلة، وتكوين مجلس إداراتها من ممثلين عن قطاعات حكومية حيوية وآخرين من القطاع الخاص، ومنحها صلاحيات تنظيمية أوسع لتتولى مسؤولية التنفيذ على درجة عالية من الحوكمة، والشفافية، والتنافسية، وتعزيز القيم، والاستدامة، والكفاءة، والإنتاجية. أكثر ما يهدد مشروع الخصخصة في أي مجتمع هو الفساد المالي والإداري الذي قد ينتج عنه، سواء قبل تنفيذ الخصخصة أو أثناء أو بعد التنفيذ، وكلها تحديات تتركز على سد الثغرات التي قد ينفذ منها الفساد في صياغة العقود، أو نقل الملكيات الحكومية، أو حتى المخاطر الناجمة عنها، وتتمثل تحديداً في البند الأهم وهو قبل الخصخصة؛ لأن ما بعده من تنفيذ أو تقييم هو تابع لوجود بيئة تنظيمية قادرة على ضبط مسار الخصخصة، وضمان جودة مخرجاتها. هناك أكثر من 16 قطاعاً حكومياً جاهزة لخصخصة كثير من مشروعاتها، والبعض الآخر بدأ فعلياً في التطبيق، ولكن لا يزال هناك تفاوت بينها؛ ليس على مستوى المنتج المعروض، ولكن على مستوى التنظيمات واللوائح المطبقة، والرقابة على التطبيق، وإجراءات التقييم؛ فالمركز الوطني للتخصيص ليس بمقدوره أن يتحمّل كل تلك المسؤوليات، رغم جهوده الكبيرة والمخلصة، وتطلعاته الكبيرة التي يسعى إلى تحقيقها في مدة زمنية محدودة، وهو ما يتطلب فعلاً وجود هيئة للتخصيص تتولى كثيراً من التفاصيل الدقيقة والمهمة في برامج الخصخصة، وتقديم نموذج وطني يطبق على الجميع، ويعد مرجعاً لصياغة العقود بحسب نوع الخدمة المقدمة. ليس سهلاً أن نتعاطى مع الخصخصة على أنها مجرد انتقال الملكية من القطاع الحكومي إلى القطاع الخاص من دون أن نسدّ كثيراً من الثغرات التي قد يطل منها الفساد، وينهش فيها؛ لأن سمعة الدولة ومكانتها أول المتضررين، ثم إن أي فشل لمشروع الخصخصة قد يترتب عليه تخوفات وتحوطات من أي مشاركة مستقبلية للقطاع الخاص المحلي والأجنبي؛ لذا مهم أن تكون توصيات مؤتمر نزاهة الذي اختتم أعماله قبل يومين عن مكافحة الفساد في برامج الخصخصة بداية لتحويل المركز إلى هيئة، واستثمار ما جاء في المؤتمر من تجارب دولية ومقترحات مهمة لتحقيق غايات التخصيص التي نعول عليها في تحسين مستوى الخدمات، وتخفيف العبء عن الدولة ولا يكون التخصيص عبئاً عليها. Your browser does not support the video tag.