أكد معالي وزير التربية والتعليم د.محمد بن أحمد الرشيد بأن ظاهرة اختيار أو انتخاب من يمثلون طائفة من الناس لأمر ما، ظاهرة موغلة في القدم، وقد سجل لنا القرآن الكريم حادثة لعلها فريدة في تاريخ البشرية، عندما أمر الله موسى عليه السلام أن يأتيه في ناس من قومه ممن لم يعبدوا العجل يعتذرون عمن تركوهم وراءهم ممن عبدوه، فاختار النبي الكريم عليه السلام والتسليم منهم سبعين رجلاً، وذهب بهم إلى الطور، وسألوا الله أن يكشف عنهم البلاء، ويتوب عليهم جاء في سورة الأعراف {واختار موسى قومه سبعين رجلاً لميقاتنا} أي اختار من قومه. وأضاف أما نبينا عليه الصلاة والسلام فقد وكل إلى الأنصار رضي الله عنهم بعد بيعة العقبة الثانية أن يختاروا له من يمثلهم، فقال لهم : أخرجوا إليَّ منكم اثني عشر نقيباً ليكونوا على قومهم «فأخرجوا تسعة من الخزرج وثلاثة من الأوس». إن الانتخابات النزيهة هي وسيلة من أنجح الوسائل للمشاركة في صنع القرار إذا ساد الوعي بين الناخبين، والإخلاص بين المرشحين. وأردف ولقد رأت حكومتنا الرشيدة الأخذ بنظام الترشيح والانتخاب، للمجالس البلدية وهي خطوة أولى تتبعها خطوات - إن شاء الله - وذلك لارتباط المجلس البلدي بالاحتياجات اليومية للمواطنين، ومن أهمها: اقتراح المشاريع العمرانية، ووضع اللوائح التنفيذية اللازمة لممارسة البلدية إجابتها فيما يتعلق : بالصحة، والمباني، والمرافق العامة، وتحديد أسعار الخدمات والمواد التي تقدمها البلدية، ووضع اللوائح التنفيذية الخاصة بشروط التخطيط والتنظيم وما إليها والواجب توافرها في المناطق العمرانية .. إلخ. وقال لقد أصدرت الجهات المختصة أكثر من دليل إرشادي لانتخابات المجالس البلدية تبين مفهوم الانتخابات والغرض منها وأهمية المجالس البلدية ووظائفها، وخطوات العملية الانتخابية، والطعون والتظلمات، وأجابت على أكثر الأسئلة التي يمكن أن تعرض للمواطنين، هذا بالإضافة إلى بيان عناوين المراكز الانتخابية في الأحياء المختلفة ومواقعها التفصيلية بخرائط تفصيلية تيسر الوصول إليها، وهذه الأدلة الإرشادية والكتيبات موضوعة في أيدي المواطنين، ومادتها مكتوبة بأسلوب ميسر. إذا كان واجب المواطنين أصحاب الكفاية أن يستفيدوا من هذه الفرصة التي أتاحتها لهم قيادتهم فإن واجبنا نحن التربويين أكبر، ومسئوليتنا أعظم لأننا يجب أن نكون مثالاً يحتذى من قبل غيرنا، وأن نشرح لطلابنا خاصة في مادة التربية الوطنية، أهمية المشاركة في صنع القرار، وتحمل المسئولية، وضرورة أن نكون ايجابيين في أمورنا كلها لأن السلبية لا تأتي بخير. إن من واجب المرشحين أن يضعوا أعينهم قول النبي الكريم يوسف عليه السلام عندما قال للملك (اجعلني على خزائن الأرض إنى حفيظ عليم). ولم يقل هذا طلباً لمنصب أو تطلعاً إلى جاه، وحاشا أنبياء الله ذلك، بل قاله عملا بالمسئولية، وأداء للأمانة، مع مافيها من صعوبات ومشقة، وقياماً بالواجب لذا أهله الله له بصفتين لازمتين له : الحفظ والعلم، فلا يرشح الرجل نفسه إلا إذا علم أهليته لذلك. ومن واجب المنتخبين أن يقبلوا على الانتخابات وأن لا يختاروا إلا الأصلح، دون النظر إلى اعتبارات : قبلية، أو اقليمية، أو محلية أو غيرها، والا كانوا غاشين لأنفسهم ولإخوانهم، وهذا ما طبقته ابنة شعيب عليه السلام عندما عرضت على أبيها الاستعانة بموسى عليه السلام فقالت : (يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين). واختتم إن التربية أكثر فعالية عندما تكون بالقدوة، ولقد أحسنت اللجنة العليا لتنظيم المجالس البلدية صنعاً حين شرفت المعلمين بأن يقوموا بالإجراءات التسجيلية والاقتراع ولا أجد عذراً على الإطلاق لأي من منسوبي المؤسسات التعليمية في التلكؤ بأداء هذا الواجب.