ليس من الغريب تفضيل الأكاديمية الأميركية لنوع معين من الأفلام للحصول على جوائز الأوسكار، وليس غريباً أن نشاهدهم يعودون لتكريم هذا النوع المفضل مهما تطورت الأساليب السردية وطرق التصوير، لذلك لم يكن غريباً على الإطلاق مشاهدة انحسار المنافسة بين فيلمين يناسبان ذوق الأكاديمية نوعاً ما. أعتقد أن الأكاديمية في السنوات القليلة الماضية تحاول فرض ذوقها كل سنتين أو ثلاث سنوات على الأقل، فبعد أن يفوز الفيلم الصامت The Artist، يفوز فيلم "آرغو" بعده مباشرة وتتجاهل الأكاديمية أفلاماً مثل Zero Dark Thirty والبؤساء، وبعد أن يفوز الفيلم المختلف "بيردمان"، يفوز فيلم Spotlight الذي يستحق الفوز بطبيعة الحال، لكن تم تجاهل أفلام The Revenant و"ماد ماكس" و"كارول"، وبعد أن يفوز فيلم "مونلايت"، يتم تجاهل الفيلم المشابه له Call Me By Your Name، وتصبح المنصة جاهزة لمعركة بين فيلم يحكي قصة حب بين إنسانة بكماء وكائن بحري، وبين فيلم يحكي قصة أم تحاول إيجاد قاتل ابنتها وتواجه شرطياً عنصرياً في رحلتها. فيلم The Shape of Water بالنسبة لي على الأقل لا يستحق أن يكون فيلم العام، فهو يروي قصة كلاسيكية مستهلكة من ناحية الرواية، ولا مانع من ذلك على الإطلاق، لكن رواية قصة كلاسيكية لا يجب أن يحمل في طياته الغموض والإثارة، لأنهما عديما الفائدة في هذه الحالة، وجميع المشاهدين يعلمون ما سوف يحدث مسبقاً، والمشكلة الأكبر من ذلك، أن إضافة هذه العناصر يخلق عيوباً في النص، ولا أحتاج لذكر صعوبة كتابة نص مثير ومحكم خال من العيوب. لا تتوقف مشاكل الفيلم عند هذا الحد، فحينما كتب غييرمو دل تورو هذا الفيلم لم يستطع تجنب إفساد شخصياته، الممثلة الرائعة أوكتيفيا سبنسر تقوم بدور امرأة سوداء وتجسد الصورة النمطية بأبشع شكل ممكن -بسبب طريقة كتابة الشخصية بدون شك-، والممثل ريتشارد جينكنز برغم محاولاته المضنية لإنقاذ شخصيته، إلا أنها تظهر بشكل سطحي وساذج للغاية، حتى مايكل شانون الذي مجرد نظرة إلى وجهه تعلم أنه ولد للقيام بشخصية شريرة، بسبب النص يظهر بشكل هزلي كارتوني، وتحس أثناء مشاهدته أنه خارج منطقة أدائه المفضل. وبالطبع يجب أن لا ننسى محاولة تغيير نص مناسب للأطفال والمشاهدة العائلية إلى فيلم خاص بالبالغين، عن طريق فرض مشاهد دموية لا تقدم ولا تؤخر، ولا أستبعد أن سبب إضافتها كان لجعل الأكاديمية تأخذ الفيلم على محمل الجد. إن الأكاديمية تتأثر بالجو السياسي الاجتماعي، ومهما قيل إنها مؤسسة مستقلة فلا أعتقد أن ذلك صحيح، ففيلم "مونلايت" جزم الكثير من النقاد بأحقيته بالفوز، لكن هل كانت تعتقد الأكاديمية ذلك فعلاً؟ أم أنها رضخت للضغوطات فقط؟. هل فيلم The Shape of Water كان سوف يملك نفس حظوظه في الفوز لو تم إنتاجه خلال العام الماضي؟. أم أنه لن يملك فرصة الترشح حتى؟. غييرمو ديل تورو حاملاً الأوسكار Your browser does not support the video tag.