قد يصاب العديد من الأشخاص بتسوس الأسنان، وذلك لعدم الاهتمام بنظافة الفم والأسنان، مما يؤثر ذلك على حالتها وعلى صحة الجسم بشكل عام. فلا يخلو بيت أو أسرة من مشاكل الأسنان أو اللثة في أحد أفراد الأسره الواحدة. أكثر الأمراض التي تصيب الإنسان هي التهابات اللثة وتسوس الأسنان البسيط والعادي، نتيجة لعدم الاهتمام بصحة الفم والأسنان وعدم غسل الأسنان، والإصابة بمرض السكر. فثمانون بالمئة ( 80 % ) من الناس يعانون من تسوس الأسنان، وذلك لعدم وجود الوعي والثقافة، خاصة أن الكثيرين لا يذهبون للمتابعة مع طبيب الأسنان إلا في حالة الإصابة بتسوس الأسنان أو التهابات اللثة. ولكن مهلاً ما علاقة تلوث الأسنان باضطرابات وأمراض القولون؟!.......... دعني أفاجئك أخي القارىء وأقول لك: قلي ما هي صحة فمك وسأستطيع التنبؤ بنوع المرض الذي قد يصيبك والعكس صحيح خبرني عن مرض القولون الذي أنت به مصاب وسأعطيك النصائح المهمة للمحافظة على أسنانك من تأثير المرض عليها. تعتبر العلاقة ما بين الأسنان والجهاز الهضمي والمعدة من أوثق وأهم العلاقات بين أعضاء الجسم وتتمثل هذه العلاقة بوجود الأسنان في الفكين اللذين يقوما بطحن الطعام لتسهيل عملية البلع وتهيئة المعدة لاستقبالها بشكل طري ومناسب لكي تقوم المعدة بدورها في الاستقبال مما يساعد على الإفراز ت التي تقوم بها المعدة من أحماض والإنزيمات وخاصة حامض الهيدروكلوريك. ففي حالة فقدان ضرس أو سن نتيجة أي من الأسباب هنا تتأثر العملية الهضمية، فيتعرض الجهاز الهضمي مجملاً والمعدة خصيصاً إلى اضطرابات عدة نتيجة استقبالها للطعام غير المهضوم جيداً مما يؤدي إلى حدوث مشاكل منها: قرحة المعدة ولحموضتها نتيجة سوء الهضم، تلبك المعدة والأمعاء، قرحة في الاثني عشر، قرحة في القولون، وكثرة وجود غازات في الأمعاء والقولون مما يؤدي إلى انتفاخ واعتلال في الأمعاء. وهذا يستدعي تعويض السن أو الضرس والمفقوده بعدة طرق علمية ومنها: زرع الأسنان، وتركيب سن أو جسر ثابت، وتركيب أسنان جزئية متحركة علوية أو سفلية. أما تأثير القولون فيكمن في بعض التقارير التي تشير إلى ارتفاع نسبة تسوس الأسنان في المرضى الذين يعانون من مرض التهابات الأمعاء المزمنة (مرض الكرون والقولون التقرحي). يعزو العلماء السبب للتشابه المناعي المسبب لكل من إلتهاب القولون واللثة وتسوس الأسنان. ففي دراسة ألمانية قديمة ( Grössner-Schreiber B at al, J Clin Periodontol. 2006 Jul;33(7):478-84. ) ) تمت على البالغين وتبعتها دراسة يونانية حديثة ( Koutsochristou V et al, Inflamm Bowel Dis. 2015 Aug;21(8):1839-46.) كانت عينتها من الأطفال، تم في دراسة البالغين فحص 62 مريضاً مصاباً بإلتهاب القولون المزمن سريرياً بناء على 59 ضابطاً صحياً مطابقاً لممارسة طب الأسنان. فأظهرت النتائج أن عدد مرضى الالتهابات القولونية المزمنة المصابين بتسوس الأسنان أعلى بكثير من المصابين بتسوس الأسنان من السليمين. حيث كانت النسبة تصل إلى 2.08 مريض كرون أو قولون تقرحي مصاب بالتسوس مقابل مريض واحد به تسوس أسنان وغير مصاب بالالتهابات القولونية. وقد أثبتت الدراسة التشابه بين البالغين والأطفال في علاقة أمراض القولون الالتهابية بتسوس الأسنان. فقد تم تقييم 55 طفلاً من زوار عيادات أمراض الجهاز الهضمي الخارجية، الذين تتراوح أعمارهم بين 4 إلى 18 سنة ومقارنتهم بخمسة وخمسين طفلاً آخر من زوار عيادات الأسنان. أظهرت نتائج هذه الدراسة إصابة أغلب أطفال عيادات الجهاز الهضمي المصابين بالتهابات القولون المزمنة بنسب أعلى من الأطفال الآخرين بتسوس الأسنان، مع وجود المزيد من العلامات السريرية لالتهاب اللثة، وزيادة الحاجة لعلاج لثة هؤلاء الأطفال والمراهقين المبتلين بالكرونز والقولون التقرحي بالرغم من تماثل حالة نظافة الفم لدى الفئتين. كان أكثر من نصف (54 ٪) مصابين بالتهاب اللثة مع نزيف اللثة وانحصارها. في حين أن 36 ٪ لديهم فقط نزيف اللثة ( كان 9 ٪ على الأقل ينزف من موقع واحد، ولم يتم العثور على أي منهم لديه ميناء أسنان بحالة صحية جيدة. بينما 45 % من الأطفال الأصحاء الذين يعانون من نزيف اللثة، في حين أن 40 ٪ منهم كانت ميناء أسنانهم بحالة صحية جيدة. تتميز أمراض القولون الالتهابية بدورة زمنية تتأرجح بين التهابات حادة تتبعها مدة من خمول المرض ثم الانتكاس وعودة الحدة من جديد. مسببات هذه الاضطرابات المعوية المزمنة غير معروفة وليست مفهومة بالشكل الجيد، ولكن من المعروف أن تشوهات المناعة متميزة تلعب دوراً رئيساً في بدء وإدامة المرض، ووجود جينات محددة مثل جين رقم واحد وأربعة وخمسة وثمانية حاملة المرض من المعتقد أنها من المساعدة على تشكل المرض. فهناك حوالي 25 ٪ إلى 35 ٪ من المرضى الذين يعانون من الكرونز أو القولون التقرحي يظهر لديهم عرض أو أكثر خارج الجهاز الهضمي عادة ما تظهر على المفاصل وفي العينين وعلى الجلد والفم والكبد. وفي بعض الأحيان قد تسبق هذه الأعراض الخارجية، أو قد تتزامن، أو يتبع مباشرةً بداية أعراض القولون والأمعاء. كما يمكن أن تحدث في أي وقت أثناء عملية المرض وفي أشكال مختلفة في نفس المريض. تكمن هذه الآفات الفموية الشائعة عند هؤلاء المرضى في صورة تضخم وتورم عام في الغشاء المخاطي للفم والحنك والشفتين، وتورم أنسجة اللثة الرخوة، مع ظهور قرح بيضاء غائرة على شكل متعرج يشبه أثر سير الأفعى في الرمال. كانت هذه التقرحات الأكثر التي تم رصدها في مرضى الكرونز والقولون التقرحي في جامعة كاليفورنيا. معظم هذه الالتهابات الفموية ناعمة وقابلة للتفتيت ويتم فصلها بسهولة عن أنسجة الفم، وتترك منطقة ملتهبة جداً ومتقرحة حولها، عادة ما تكون هذه الآفات مؤلمة، تنزف بشكل تلقائي. في معظم الدراسات المذكورة أعلاه، تم افتراض ارتفاع خطر تسوس الأسنان يحدث بسبب نقص التغذية والتغيرات في الظروف اللعابية والميكروبيولوجية في تجويف الفم. فالمرضى الذين يعانون من التهاب القولون المزمن كان أكثر عرضة لنمو البكتيريا العصوية والعنقودية اللبنية في كثير من الأحيان من معدل التدفق اللعابي العادي والقدرة العازلة لديهم. قد يكون ارتفاع عدد البكتيريا الحمضية مرتبط أساساً إلى العادات الغذائية للمرضى الذين يعانون من التهاب القولون المزمن بسبب الاستهلاك المتكرر من الكربوهيدرات المكررة. وهناك مقالة حديثة تشير إلى أن اختلال النمو البكتيري في الفم يرتبط أيضاً إلى استجابة جهاز المريض المناعي. ومع ذلك، نحن لا نعرف حتى الآن إذا كان هذا الاختلال النموي البكتيري في اللعاب له أي تأثير على حدوث تسوس الأسنان. وأخيراً، تجدر الإشارة إلى أن المرضى الذين يعانون من التهاب القولون المزمن تتم معالجتهم بأدوية مثبطة للمناعة تزيد من حاجتهم للعناية بلثتهم وعلاجها. فالاستخدام المزمن للسيكلوسبورين أو الآزوثيوبرين (أدويى هذه الأمراض الدارجة) قد تغير الوضع اللثوي مما يؤدي إلى فرط نمو اللثة بنسبة 8 % في أكثر من 97 ٪ من هؤولاء المرضى. هناك جدل مستمر حول العوامل التي تعدل درجة النمو الزائد، بما في ذلك الحساسية الفردية، والعمر، أو جرعة ومدة العلاج بهذه العقاقير. الآلية الدقيقة للفرط اللثوي ليست محددة بشكل جيد ولكن يبدو أن سببها مزيج من انتشار الخلايا الليفية داخل الأنسجة اللثوية، والزيادة في ترسب الكولاجين خارج الخلية. يمكن أن نفترض أن المرض نفسه، والأدوية، والعادات الغذائية المختلفة، وربما الاختلال البكتيري في الفم يمكن أن تسهم في أمراض الأسنان واللثة في المرضى الذين يعانون من الكرونز والقولون التقرحي (التهابات الفولون المزمنة). والآن وفي نهاية هذا المقال أرجو أن أكون قد وضحت بعض جوانب العلاقة الزمنية بين مرض اللثة وتسوس الأسنان وبين أمراض الحهاز الهضمي عامة والقولون خاصة. في حالة فقدان ضرس أو سن نتيجة أي من الأسباب تتأثر العملية الهضمية Your browser does not support the video tag.