تقاسمت عدّة عوامل مسببات حالات الهدوء التي تمر بها أسواق النفط حالياً، ترافقها قناعة مراقبي الأسواق التي تؤكد أن الأسواق متماسكة وستظل كذلك في ظل تعهد المنتجين باتفاق الخفض النفطي ونمو الطلب العالمي. يقول الدكتور محمد الشطي السوق متماسكة رغم الضعف الحالي، فمسوغات الانخفاض في أسعار النفط ترتكز على عدّة أمور منها ارتفاع قيمة الدولار مقابل العملات الأخرى وهبوط في أسواق الأسهم والبورصات خلال المدة الماضية وسط مخاوف عملت على تأثر أسعار النفط الخام، كذلك دخول المصافي بالولاياتالمتحدةالأمريكية لبرامج الصيانة مما يعني ضعفاً موسمياً في مستويات الطلب على النفط، كذلك التوقعات الصادرة عن إدارة معلومات الطاقة الأميركية حول ارتفاعٍ ملحوظ في إنتاج الولاياتالمتحدة خلال العام 2018م يقدر الارتفاع ب 1.3 مليون برميل يومياً على أساس سنوي يختلف عن العام السابق 2017م ممّا يعني المخاوف من زيادة المعروض مرةً أخرى. وتابع يضاف إلى ما سبق ذكره إقبال المضاربين على البيع وسط انطباعات ضعف في أساسيات السوق النفطية والهدوء النسبي في التطورات الجيوسياسية الذي عادةً ما يغذي المخاوف من انقطاع الإمدادات النفطية، إلا أن تلك توقعات الأسواق تقول بأن هذا الضعف يعد مؤقتاً ومربوطاً بعوامل موسمية ثم تعود للتعافي من جديد، لكن عموم المراقبين يقولون باستمرار دعم تماسك الأسواق لأسباب عدّة كتعهد تحالف المنتجين بالاستمرار في اتفاق التعاون لخفض الإنتاج لحين استقرار الأسواق النفطية وعودة المخزونات لمستوياتها الطبيعية وهو الأمر الذي من المؤمل أن يتحقق بنهاية العام الحالي أو بداية العام 2019م وبالتالي نسب التزام المنتجين تظل قوية وتعمل على تقييد المعروض، كما أن مستويات تنامي الطلب العالمي على النفط في ارتفاع لا سيمّا الأسواق الواعدة كالصين ويتضح ذلك من خلال ارتفاع الواردات من النفط الخام كذلك الولاياتالمتحدة الأميركية حيث ارتفع معدل تشغيل المصافي بمقدار 700 ألف برميل يومياً وكذلك الهند، بالإضافة إلى استمرار الباكورديشين في أسعار نفط خام الإشارة الذي يعني أن هنالك نقصاً في المعروض بأسواق النفط يعمل على دعم الأسعار واستمرار انخفاض الفائض في المخزون النفطي حيث يذهب بعض المراقبين في توقعاتهم إلى أن تحقق التوازن قد تحقق فعلياً. بدوره قال أستاذ الطاقة والصناعات بجامعة الملك سعود الدكتور فهد المبدّل الهدوء الذي يسود أسواق النفط هذه الأيام هو نتيجة طبيعية لحال الترقب من أطراف عدة أهمها المجموعة التي تحاول الحفاظ على استقرار الأسعار وضبط السوق بقيادة المملكة العربية السعودية ومساندة روسيا الاتحادية والعراق والإمارات حيث بذلت هذه المجموعة من المصدرين جهوداً كبيرة أثمرت عن تجاوز سعر النفط 65 دولاراً خلال الأشهر الأخيرة وقد يكون هذا الهدوء هو الهدوء الذي يسبق العاصفة نتيجة وصول الإنتاج الأميركي من النفط إلى 10.4 ملايين برميل يومياً وتكون بذلك تعدت المملكة العربية السعودية وتقارب روسيا في الإنتاج اليومي للنفط وقيام الولاياتالمتحدة بالتصدير لأول مرة منذ زمن بعيد، كذلك توجه الولاياتالمتحدة إلى طرح جزء من الاحتياطي الاستراتيجي الأمريكي للبيع في السوق يمثل دلالة واضحة على وفرة النفط في أميركا ومما لا شك فيه أن هذه التطورات في دينامية السوق تبعث على الحذر والترقب من جانب كبار المنتجين. وتابع بقوله من المحتمل أن يؤدي الضخ الأميركي الكبير للنفط هذا العام إلى حدوث فائض في الأسواق العالمية، كما حدث عام 2014 حيث انخفض سعر البرميل إلى27 دولاراً للبرميل مما أدى إلى انخفاض دخل دول أوبك وإفلاس العديد من شركات الزيت الصخري الأمريكية وخروجها من الإنتاج وأما منتجو الزيت الصخري الأميركان الذين صمدوا فقد خرجوا من الأزمة أقوى وقاموا بتطوير تقنيات استخراج النفط نحو تقليل تكلفة الإنتاج حتى وصلت التكلفة التشغيلية إلى 22 دولاراً للبرميل لبعض المنتجين الأمريكيين الذين يتمتعون الآن بموجة ثانية من النمو بشكل استثنائي حيث إن زيادة إنتاج السوائل في 2018 قد تساوي نمو الطلب العالمي، وقد وافقت منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) والمنتجون الرئيسيون الآخرون بما في ذلك روسيا على خفض إنتاجهم في أواخر العام 2016 من أجل الحد من الفوضى والمساعدة على رفع الأسعار وتم تمديد الاتفاق حتى نهاية العام 2018 وعلى الرغم من هذه التطورات إلا أنني أعتقد أن اقتصاد الولاياتالمتحدة المتقدم جداً قادر بسهولة على امتصاص هذا الفائض للنمو في صناعات وتطبيقات حضارية مهمة داخل أميركا وذلك خلال مدة وجيزة نسبياً. Your browser does not support the video tag.