كل شيء قابل للنقاش، إلا قضية «تدويل الحج»، فهي باختصار (إعلان حرب)، تماماً كما قال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، وهو الموقف الرسمي السعودي، والشعبي في نفس الوقت، والعربي والإسلامي أيضاً. كل من يعتقد غير ذلك فهو في ضلال كبير. في السياق ذاته، كل حياد قد يقبل في أي شأن، إلا في هذا الأمر، لذلك لا يجب على الرياض إحسان الظن بالدول التي تلتزم الحياد في هذه القضية، سواء الخليجية أو العربية وحتى الإسلامية. صمتت بعضها في التصدي لصواريخ الحوثي الإرهابية على مكةالمكرمة، وزايدت على القدس، ولذلك ينتظر منها موقف جاد وواضح حيال مراهقات الدوحة. وحتى لا تمر الحيل القطرية، لا نعتبر ما تبثه المكائن الإعلامية القطرية بمنأى عن وجهة نظر الحكومة، لأن قطر ليست السويد، وليس لديها حرية رأي أو سقف إعلامي مستقل، وإنما تعكس تماماً ما تمليه عليها الحكومة، بطرق ووسائل مختلفة. وهو ما يعتبر بالتأكيد وجهة النظر الرسمية القطرية، التي تحاول أن تتلاعب حولها حكومة الدوحة. المضحك دائماً، هو أنه لا مشروع للدوحة، وإنما هي مجرد مخلب قط لتحقيق أجندة إيرانية، لأنها أصغر من أن تكون بهذه الأجندة، سياسياً وتاريخياً ونضجاً. وبالعودة للسياق التاريخي، من أين جاءت فكرة التدويل المزعومة؟ في 1981 عقدت إيران مؤتمراً يدعو إلى تدويل الحرمين الشريفين، ولم يحظَ بالصدى الإعلامي المأمول، لأن الفكرة مرفوضة أساساً. ثم في 1982 عقد مؤتمر دولي في سيراليون، بتمويل كامل من النظام الإيراني لطرح فكرة تدويل الحرمين، وماتت الفكرة مجدداً. بعدها بسنوات قام المخلوع معمر القذافي بالدعوة لتدويل الحرمين، ولم يستمع له أحد، لأنه ليس سوياً وفقاً لسياقات ما يطالب به باستمرار، في مختلف القضايا. عادت إيران في سبتمبر 2015، ومن خلال نائب رئيس مجلس خبراء القيادة، محمود الهاشمي الشاهرودي للدعوة لتدويل الحرمين.. والآن تستخدم قطر! الدوحة، حاولت كثيراً لفت الانتباه عبر تدويل أزمتها، والعبث مع المنظمات، والمراهقات الإعلامية، وإلقاء التهم، دون أن تلتفت لها دول المقاطعة، لأن «قضية قطر صغيرة.. جداً جداً جداً». ثم قررت المقامرة ب»تدويل الحرمين»، العبث بالورقة الأخيرة، لكنها لا تعي أبعادها.. لأن الحروب لا سيناريوهات متوقعة لنهايتها، عندما تبتدئ! والسلام. Your browser does not support the video tag.