الدفاع المدني يحذر من الاقتراب من تجمعات السيول وعبور الأودية    ارتفاع الصادرات السعودية غير البترولية 22.8 %    برعاية ولي العهد.. المملكة تستضيف مؤتمر الاستثمار العالمي    بركان دوكونو في إندونيسيا يقذف عمود رماد يصل إلى 3000 متر    تهديدات قانونية تلاحق نتنياهو.. ومحاكمة في قضية الرشوة    لبنان: اشتداد قصف الجنوب.. وتسارع العملية البرية في الخيام    الاتحاد يخطف صدارة «روشن»    دربي حائل يسرق الأضواء.. والفيصلي يقابل الصفا    انتفاضة جديدة في النصر    مذكرة تفاهم بين إمارة القصيم ومحمية تركي بن عبدالله    استعراض مسببات حوادث المدينة المنورة    «التراث» تفتتح الأسبوع السعودي الدولي للحِرف اليدوية بالرياض    المنتدى السعودي للإعلام يفتح باب التسجيل في جائزته السنوية    جامعة الملك عبدالعزيز تحقق المركز ال32 عالميًا    «الأرصاد» ل«عكاظ»: أمطار غزيرة إلى متوسطة على مناطق عدة    لندن تتصدر حوادث سرقات الهواتف المحمولة عالمياً    «العقاري»: إيداع 1.19 مليار ريال لمستفيدي «سكني» في نوفمبر    16.8 % ارتفاع صادرات السعودية غير النفطية في الربع الثالث    «التعليم»: السماح بنقل معلمي العقود المكانية داخل نطاق الإدارات    صفعة لتاريخ عمرو دياب.. معجب في مواجهة الهضبة «من يكسب» ؟    «الإحصاء» قرعت جرس الإنذار: 40 % ارتفاع معدلات السمنة.. و«طبيب أسرة» يحذر    5 فوائد رائعة لشاي الماتشا    مشاكل اللاعب السعودي!!    في الجولة الخامسة من دوري أبطال آسيا للنخبة.. الأهلي ضيفًا على العين.. والنصر على الغرافة    في الجولة 11 من دوري يلو.. ديربي ساخن في حائل.. والنجمة يواجه الحزم    نهاية الطفرة الصينية !    السجل العقاري: بدء تسجيل 227,778 قطعة في الشرقية    السودان.. في زمن النسيان    لبنان.. بين فيليب حبيب وهوكشتاين !    مصر: انهيار صخري ينهي حياة 5 بمحافظة الوادي الجديد    اقتراحات لمرور جدة حول حالات الازدحام الخانقة    أمير نجران: القيادة حريصة على الاهتمام بقطاع التعليم    أمر ملكي بتعيين 125 عضواً بمرتبة مُلازم بالنيابة العامة    «واتساب» يغير طريقة إظهار شريط التفاعلات    ترحيب عربي بقرار المحكمة الجنائية الصادر باعتقال نتنياهو    تحت رعاية سمو ولي العهد .. المملكة تستضيف مؤتمر الاستثمار العالمي.. تسخير التحول الرقمي والنمو المستدام بتوسيع فرص الاستثمار    محافظ جدة يطلع على خطط خدمة الاستثمار التعديني    أسبوع الحرف اليدوية    مايك تايسون، وشجاعة السعي وراء ما تؤمن بأنه صحيح    ال«ثريد» من جديد    الأهل والأقارب أولاً    اطلعوا على مراحل طباعة المصحف الشريف.. ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة يزورون المواقع التاريخية    أمير المنطقة الشرقية يرعى ملتقى "الممارسات الوقفية 2024"    الإنجاز الأهم وزهو التكريم    «كل البيعة خربانة»    انطلق بلا قيود    تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين ونيابة عنه.. أمير الرياض يفتتح فعاليات المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة    مسؤولة سويدية تخاف من الموز    السلفية والسلفية المعاصرة    دمتم مترابطين مثل الجسد الواحد    الأمين العام لاتحاد اللجان الأولمبية يشيد بجهود لجنة الإعلام    شفاعة ⁧‫أمير الحدود الشمالية‬⁩ تُثمر عن عتق رقبة مواطن من القصاص    أمير الرياض يكلف الغملاس محافظا للمزاحمية    اكثر من مائة رياضيا يتنافسون في بطولة بادل بجازان    وزير الثقافة: القيادة تدعم تنمية القدرات البشرية بالمجالات كافة    محمية الأمير محمد بن سلمان تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش    "الحياة الفطرية" تطلق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    قرار التعليم رسم البسمة على محيا المعلمين والمعلمات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



معركة «تقليم مخالب الشر»
نشر في الرياض يوم 23 - 09 - 1438

لم يكن قرار المملكة والإمارات والبحرين ومصر وباقي الدول العربية والإسلامية قطع العلاقات مع قطر، قرارا مفاجئا لمن يتابع ويفهم حقيقة ما يدور في المشهد السياسي وسلوكيات الدوحة في التعامل مع جيرانها في الخفاء، فهذا السلوك ممتد لسنوات، ووصل إلى مستوى حرج في عام 2014، وظل كما هو مستغلا حكمة وصمت الأشقاء -وعلى رأسهم المملكة- وصبرهم على العبث الذي تمارسه قطر في ملفات المنطقة وفي علاقاتها مع أشقائها؛ أملا في توقف الدوحة عن ذلك وعودتها إلى رشدها والاستماع إلى نصائح أشقائها إلا أن ذلك لم يتحقق، فكانت قمة الرياض الأخيرة الفرصة الأخيرة لقطر التي لم تستغلها بل تمادت بعدها بشكل غير مسبوق من خلال ما ظهر من تصريحات للأمير تميم ضد المملكة، ومخالفته للاجتماع العربي والإسلامي في القمة في الوقوف أمام إيران، ليظهر الأمير تميم بعد القمة بساعات مهنئا الرئيس الإيراني ومباهيا بعلاقاته معه ومتعهدا بتقوية وتعزيز هذه العلاقات، وفي ذات السياق كانت جميع المؤشرات والتحركات القطرية تدل على انقلاب على الإجماع العربي الإسلامي وتصعيد خطير ضده سواء من خلال التحريض على أمن البحرين ومصر والمملكة عبر الإعلام القطري الموجه أو الإساءات الكاريكاتيرية السافرة للإعلام القطري لرموز المملكة السياسية والدينية إضافة إلى التغطيات المسيئة لأحداث القطيف، ولا نغفل ما يجري من عبث وأدوار خفية لقطر في قوات التحالف ضد اليمن واحتضانها المتطرفين وتمويل الإرهاب وغير ذلك من سلوكيات عبثية تهدد أمن المنطقة، وجاء البيان الرباعي واضحا وسمى الأمور بمسمياتها عندما أشار إلى تهديد قطر للأمن القومي ودعمه للجماعات الإرهابية وسعيه لشق الصف ودعم الحوثيين واحتضان المتطرفين.
عملاء طهران في المنطقة أمام حزم الرياض: لن نسمح للمشروع الصفوي بالتمدّد في الخليج
مواجهة الوحش الإيراني
يشخّص الكاتب والإعلامي المصري خالد البري الازمة من جوانب عده أجاب في جانب منها على سؤال قد يتبادر الى ذهن البعض ممن يحاول ان يفهم حقيقة مايجري وهو ما الذي أوصل إلى المواجهة مع قطر؟ وهنا يقول: هناك استراتيجية سعودية ممتدة، ونشطة، منذ سقوط صدام حسين سَميتُ هذه العملية «تقليم مخالب طهران» وهذه العملية بعد كل المواجهات التي دارت في لبنان وسورية والبحرين واليمن، اقتربت الآن من المستوى الأخير، مواجهة الوحش الإيراني نفسه، ونقل المعركة إليه شخصياً.
ويضيف ان الإخوان، وإن كانت مخلبا مستقلا، إلا أنها مخلب قوي لا سيما في الحرب الدعائية، ولا بد من تحييده، مشيرا هنا الى السلاح الإعلامي، وهو الأهم وسلاح مشاة الإرهابيين، وهو ما عُبر عنه في البيان ب»وقف دعمها للإرهاب».
وقسم خالد البري مناطق «المخالب الإيرانية» كما يسميها في سياق حديثه عن تطور الصراع بين المملكة وايران منذ الثورة الايرانية، قسمها إلى بقع جغرافية حسب طبيعة العلاقة مع طهران وذلك لفهم كيف تصرفت السعودية في عمليتها الممتدة لمواجهة الخطر الإيراني.
أولا: "مخالب إيران المباشرة"
وتتمثل في الميليشيات الشيعية المرتبطة بها ارتباطا عضويا، بحيث يصير وجودها في بلادها الأصلية مجرد وجود جغرافي هذا يشمل جماعتين رئيسيتين:
(حزب الله) في لبنان، و(قوات بدر) في العراق.
ثانيا: "حلفاء لهم مصلحة حيوية مع إيران"
وهذا يشمل النظام في سوريا، وسياسيي حزب الدعوة في العراق.
ثالثا: "الجيوب"
وتشمل القوى المرتبطة بإيران في البحرين واليمن والسعودية.
رابعا: "مخالب متقلبة ذاتية الاختيار"
ومقصدها ليس خدمة إيران إلا بالقدر الذي يحقق النكاية في النظام الإقليمي وهدفها تنفيذ مشروع بديل، وهذا حلف الإخوان المسلمين (قطر، حماس، تركيا، وجمهور الإخوان).
المخلبان العضويان
وقال البري: لا تزال مشكلة العراق – حتى الآن – في فقده، وليس في تمثيله خطرا مباشرا آنيا، فالمشاكل الداخلية في العراق كفيلة باستهلاك قواه السياسية. والتركيبة العشائرية قادرة على لعب دور تحت السطح السياسي، وقد عبرت السعودية عن معارضتها للغزو الأمريكي بالابتعاد عن المشهد السياسي المباشر، والاكتفاء بالتأثير الإعلامي ولم تتدخل، من خلف ستار أيضا، إلا بعد أن انفلت العراق من السيطرة الأمريكية تماما، بدءا من أحداث الفلوجة، حين احتاج الأمريكيون إلى المساعدة بعد أن غرقوا في المستنقع طوال تلك السنة، من الفلوجة إلى أبو غريب، ومن البصرة إلى الموصل، ومن الزرقاوي إلى مقتدى الصدر، على اختلاف الأسباب والطبائع كان خلاصهم بمساعدة سعودية، عن طريق إحياء نظام العشائر هذا، في ما عرف باسم قوات الصحوة.
وتناول البري بالحديث «حزب الله» هذا المجتمع يختلف مع حزب الله ويتفق، إلا إن ذكرت السعودية وبهذا الشعور الذي حقق إنجازه الأول في المعركة الإعلامية أقصد به تجييش الطائفة لصالحه وساعده في ذلك قضية إسرائيل، التي جعلت رسالته أقرب إلى الوصول إلى الجمهور العربي على اتساعه فنجح حليف إيران في تنفيذ أفضل حملة تسويق لحزب سياسي في تاريخنا المعاصر وقدم نفسه على أنه الزاهد المترفع عن المناصب السياسية، المنفتح على الطوائف، على رأسه نسل النبي، وسيد المقاومة، حسن نصر الله، الشاب الهادئ الواثق المبتسم، وأبو الشهيد، وتحت هذه الرسالة رسالة أخرى يفهمها جمهوره الأساسي من أبناء الطائفة، صورة مقارنة مع رفيق الحريري.
تقليم مخالب طهران دعائيا
وأضاف: بدأت السعودية سعيها الأول لتقليم مخالب طهران دعائيا بطرح موضوع سلاح حزب الله في الإعلام وطرح الموضوع أيضا من خلال القنوات الدبلوماسية ودعي العماد ميشيل عون، رئيس الجمهورية الحالي، لكي يدلي بشهادة أمام الكونجرس، ففعل ذلك في 17 سبتمبر من عام 2003، بعد ستة أشهر من غزو العراق وفي سبتمبر من العام التالي مباشرة صدر قرار مجلس الأمن رقم 1559، القاضي بنزع سلاح الميليشيات.
وشن حزب الله حملة دعائية ضد حليف السعودية، رفيق الحريري، متهما إياه بأنه مهندس القرار، من وراء ستار في 14 فبراير 2005 قتل الحريري، في 2 يونيو من العام نفسه اغتيل سمير قصير أبرز كتاب جريدة النهار، وفي 12 ديسمبر اغتيل رئيس تحرير الجريدة جبران تويني أما شاهد الكونجرس، ميشيل عون، فقد كان في ذلك الوقت قد وقع على "وثيقة التفاهم"، وتحالف مع حزب الله.
كان هذا تحركا أوليا في كبح جهود السعودية لإنجاز مهمة تقليم هذا المخلب، اما التحرك الثاني جاء مع حرب لبنان، ثم ما تلاها من إعلان النصر، ثم حصار مقر رئيس الوزراء، رمز التمثيل السياسي للطائفة السنية، لمدة 16 شهرا، انتهت بالهجوم الذي نفذه الحزب على بيروت وجبل الدروز في مايو/ أيار من عام 2008، والتي اقتيد فيها مواطنون سنة من بيوتهم في بيروت كأسرى حرب.
الجزيرة والإخوان
وأوضح البري في هذا السياق ان دور قناة الجزيرة والإخوان في الدعاية هنا كان محوريا، لأنها قناة محسوبة على «السنة» لكن وجه حزب الله هذا لن يظهر إلا بعد أن يخوض صراعا مسلحا آخر، في سوريا، بعد ذلك بسنوات صراع شاركت فيه السعودية أيضا ضمن تحالف يضم الولايات المتحدة، والإخوان المسلمين (قطر وتركيا ومشاة الجماعات التي يحركها الإخوان المسلمون)، وحتى الآن، كان هذا الصراع هو الخطوة الأخيرة والأكثر نجاحا في مسعى السعودية لتقليم مخلب حزب الله.
وأضاف: في سياق حديثنا عن حزب الله، لقد استدرجته إلى معركة مسلحة خارج الأراضي اللبنانية، تحت أعين المجتمع الدولي، فأسقطت عنه أسطورة سلاح المقاومة كما أن الصراع أنهكه وأثر على قدراته الاقتصادية حتى الآن ومن الناحية الإعلامية رَآه العالم العربي في صورة أخرى غير التي اعتاد أن يراها فيه مهما كان رأيك في الصراع السوري، لا تنكر أنك عرفت أن حزب الله جيش إيراني متقدم، وليس «سلاح مقاومة لبناني».
المخلب الحيوي
وكانت سورية الطعم، الذي استدرج «حزب الله»، واستدرج «الإخوان» لكي يقلبوا خطابهم إلى خطاب طائفي، ولكي يناقضوا أنفسهم، ودعايتهم السابقة بشأن حزب الله.
عملية تقليم المخلب السوري بدأت في السنتين الأخيرتين من عمر رئيس الوزراء الحريري كان واضحا أن بشار الأسد ينتقل بسورية من الحلف الثلاثي الذي حرص عليه والده، مع مصر والسعودية، إلى اعتماد كامل على إيران ربما لقلة الخبرة، وربما بسبب ما حدث في العراق فرغم معارضة سورية للغزو، إلا أن خلافها مع الرئيس الحريري، وانحيازها إلى مخلب حزب الله وتقويتها له، أدى في النهاية إلى اغتيال الحريري لم يكن هذا التشابك بين الوجود السوري في لبنان، وبين ميليشيا حزب الله، ممكنا تجاوزه فكلاهما معتمد على الآخر أي مساس بأيهما يعتبر مساسا بالآخر ويبدو أن الطرفين توصلا إلى أن الحفاظ عليه يستحق مغامرة «إعلان حرب» وجاء اغتيال الحريري في وقت حرج بالنسبة للسعودية، بعد سنتين من تمدد النفوذ الإيراني إلى العراق، وبعد اندلاع الثورة السورية، ضمن ما عرف بالربيع العربي جاءت الخطوة البارزة الرابعة وهنا تنتقل السعودية من العمل الدبلوماسي إلى المشاركة المباشرة فكانت ضمن التحالف الذي ضم القيادة الأمريكية.
قناة الجزيرة والدعاية المضادة
وخلال الأزمة الخاصة بلبنان، والجهود الإيرانية لإنهاء النفوذ السعودي فيه، أقدمت حركة حماس في يونيو من عام 2007 على خطوة غير مسبوقة في الصراع الفلسطيني، حيث طهرت غزة من حركة فتح، وقتلت فلسطينيين بايدي مقاتليها، بطريقة أبشع مما يمكن لإسرائيل أن تفعل واستولت على القطاع فحازت بذلك أرضا ضمتها إلى الإمبراطورية الإقليمية غير المعلنة هذه الأرض تمثل نقطة استراتيجية بالنسبة لمصر، لو تمت مثل هذه الخطوة بطريقة عكسية لكان الشعار المرفوع هو «الدم الفلسطيني الحرام» (ولو فعلتها إسرائيل لارتفعت شعارات بلا نهاية) لكن كون ما حدث هو ما أراد الإخوان المسلمون، وكون الفاعل هو الإخوان المسلمين، كانت تغطية قناتهم، الجزيرة، متعاطفة مع حماس وكان الفعل نفسه متسقا مع أهداف إيران حتى قيل إن هذه بروفة لما سيحدث في بيروت حزب الله بارك الخطوة ثم كررها بصورة مصغرة في بيروت بالفعل، بعد 11 شهرا من هذا التاريخ.
وغرض مخلب الإخوان، كما يتبين لنا ونحن ننظر إلى الأحداث، يتلخص في تجريد خصومهم من مصادر القوة بالدعاية المضادة، وحيازتها لأنفسهم أشرت إلى موضوع القواعد العسكرية الأمريكية في السعودية لكن هناك أيضا عضوية تركيا في حلف الناتو علاقات تركيا مع إسرائيل وعلاقات قطر مع إسرائيل كلها خيارات سياسية لو اتخذها المحور السعودي المصري الإماراتي لتحولت إلى خيانة يمكن أن يمتد هذا إلى أغراض فرعية كضرب اقتصاد السياحة في مصر، بدعاوى أخلاقية، رغم أنه لا يمثل شيئا إن قورن بمثيله في تركيا.
وفي موضوع سورية انقلب «المخلب القلاب» فجأة على حلفاء الأمس لماذا؟ لأن مكسب سورية كان كبيرا لو سيطرت دولة الإخوان على سورية لملأت فراغا مهما في رقعة المنطقة فراغ موصول بتركيا ولكانت خطوته التالية الأردن حتى يتصل بغزة لكن هذا لم يحدث، وأيضا اكتشفت السعودية أن الوجود القطري في قوات عاصفة الحزم لم يكن في الحقيقة فعالا، بل كان كعادته مخلبا قلابا وطلبت من قطر مغادرة التحالف أضف إلى تلك النقاط الخمس (المطروحة كأمثلة) ما ذكرناه عبر المقال عن موقف قناة الإخوان من الصراع الإيراني السعودي في لبنان، وكيف أنها كانت دائما إلى جانب المحور المناهض للسعودية.
وهنا لن نفهم ما يحدث الآن إلا لو تخيلناه بالشكل الذي أشرت إليه هناك "إمبراطورية" إقليمية غير معلنة، وفي طور التكون، هي إمبراطورية الإخوان المسلمين هذه الإمبراطورية ليست حليفة لإيران، وليست حليفة لأحد بل حليفة لنفسها وأهدافها ولكن في سعيها لتحقيق تلك الأهداف تأتي مصلحتها الأولى في انهيار الدول الكبرى، وعلى رأسها السعودية، ومصر والإمارات وهي تلجأ في ذلك إلى سبيلين رئيسيين، أولهما تقوية الخصوم، وبالأخص إيران، وثانيهما حرمان المحور السعودي المصري الإماراتي من أسباب القوة والنفوذ ونقله إليها – احتكارها – في قطر وتركيا.
سقوط إمبراطورية «الإخوان»..!
يشير الكاتب خالد البري إلى أن أقوى ما لدى مخلب الإخوان المسلمين ليس القوة العسكرية، بل القوة المعنوية الدعائية، فالإخوان دولة غير معلنة، ولها شعب متشعب في كل مكان يدين لها بالولاء، وبأوامرها يأتمر، كما أن لها حلفاء من تيارات سياسية متعددة، ومتشعبة، تخدم أهدافهم وإن لم تدن بفكرهم، وتقلبات هذا المخلب ليست فقط في اتجاهات ضربه بل في صورته فهو أحيانا سني، وأحيانا قومي عربي، وأحيانا متعد للطوائف متعاون مع الخصم (السياسي الطائفي) وفي كل صورة لديه شعار معنوي يرفعه، وله جمهور يصدقه، وفي معركة مع خصم، أن ترى مخلبا موجها إليك فهذه مشكلة كبيرة لكنها واضحة ستوجه إليه ضربة كلما استطعت، إنما أن يكون المخلب قلابا فهذه مشكلة عويصة لو انشغلت به ضربك خصمك وإن تركته ربما ضربك، وربما ضرب خصمك المشكلة تكمن في أن رد فعلك ليس فوريا، بل يحتاج إلى التفكير، والتفكير يحتاج إلى وقت والوقت قد يكون العامل الحاسم في تعرضك لإصابة.
وأضاف: اللسان الناطق بلسان هذا المخلب، هو قناة الجزيرة وأخواتها، بدأ الصراع قديما، بخطة إستراتيجية قوية، وبتحالفات مع قوى مختلفة لكنه في كل الأحوال كان له هدف واضح إضعاف قوة السعودية وحلفائها وأهداف مرحلية، كالتعاون مع السعودية إن كان سيحقق من هذا نفعا يفوق غرضه، وكانت دعاية قناة الجزيرة منصبة في وقت من الأوقات على فك العلاقة العسكرية بين السعودية والولايات المتحدة توازيا مع سلسلة انفجارات استهدفت القوات الأجنبية الموجودة على الأراضي السعودية حتى تحقق الغرض في أبريل من عام 2003، ورحلت القاعدة العسكرية الأميركية من مطار الأمير سلطان، ولكن إلى أين؟ إلى قاعدة العديد في قطر هنا فقط توقفت التغطية الخاصة بالوجود الأميركي في الخليج العربي وصارت قطر هي مركز العمليات العسكرية الأميركية.
قطر «مخلب» إيران في الخليج
يوضح البري أن المقصد من الأوصاف التي أطلقها على "المخالب" بيان طبيعة العلاقة مع طهران، هل هي امتداد عضوي، جزء لا يتجزأ، أم امتداد حيوي لا بد منه، ثم المخالب الزائدة، وهي بغض النظر عن مدى أهميتها، إلا أن طبيعة الاتصال الجغرافي تجعلها سهلة "الغرغرينة"، أي قطع الإمداد عنها.
وأضاف: تستطيع إيران بسهولة أن تدعم الاحتجاجات التي تقوم بها الجماعات الشيعية في البحرين، وتقدم لها المبررات، وتدين ما يتخذ ضدها من أفعال لكنها في الوقت نفسه تتدخل مباشرة في سورية ضد نفس الادعاءات أقول هذا لتحييد الجدل القيمي الذي يعلو كلما تحدثنا عن قضية سياسية، ومن خلال قوات "درع الجزيرة" تدخلت السعودية مباشرة لإنهاء المظاهرات في البحرين ويهمنا هنا لفت النظر إلى الرسالة التي أرسلتها السعودية وحلفاؤها (لن نسمح بمخلب لطهران داخل الخليج).
وهذه الرسالة تطورت أكثر من ذلك في "عاصفة الحزم" حيث كانت السعودية تفضل التأثير من خلال حلفائها لكنها في عاصفة الحزم، وبعد تعلم دروس كثيرة في الصراع مع إيران، أعلنت أن الوقت قد حان للاعتماد على النفس، والقيادة العسكرية لا السياسية وحدها.
وأشار البري إلى أن عاصفة الحزم مرحلة مهمة جدا في تطور الإستراتيجية السعودية، في صراعها مع إيران التطور هنا كان "قطع المخلب" لكي تكون الرسالة واضحة وبلا تردد وبتدخل سعودي مباشر تحت أنظار العالم بهذين القرارين صار واضحا كيف ستتعامل السعودية مع أي جماعة داخل الخليج تعمل في خدمة المصالح الإيرانية، بل وأي دولة أيضا، حتى لو كانت دولة خليجية شقيقة.
العلاقات الوثيقة بين الحكومة القطرية وشقيقتها إيران تؤزم الأمن والاستقرار في المنطقة
السياسة القطرية ارتأت أن ترتمي في أحضان الفرس على حساب أشقائها
المملكة والإمارات والبحرين أمام مهمة تقليم مخالب الشر الإيراني والتصدي لنفوذه في المنطقة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.