يعتبر التلقي إلى جانب النقد أحد أهم أركان الفن التشكيلي المعاصر فمن خلاله تكتمل التجربة الفنية للفنان ويتخذ العمل الفني حيزه، وتشهد المملكة العربية السعودية تجارب فنية معاصرة متميزة ومتسارعة منذ عام 2000م؛ بالمقابل جاء التلقي لها للأسف متأخراً في تجاوبه الإيجابي وتفاعله مع تلك الأعمال مقابل إقبال قوي ومميز من المتلقي الخارجي لبعض الأعمال وبعض أسماء الفنانين والتي يمكن تتبع نشاطها الفني وتغريدها خارج حدود الوطن، ومن المهم في رؤية 2030م أن نقف على الأسباب لتلك الحالة وأثرها على إنتاج الفنانين في المملكة لإيجاد حلول مناسبة ومقاربة الفجوة بين العمل الفني والفنان من جهة والمتلقي المحلي من جهة أخرى، فعلى سبيل المثال التجارب الفنية لمنال الضويان التي قدمتها منذ 2005م تعبر فيها عن قضايا المرأة في المجتمع السعودي وطرحتها بجرأة وإبداع فني وموضوعي عرضتها محلياً ولم تحقق أي تفاعل يذكر، إلا أنه في العام 2013م حقق عملها (معلقات سوياً) رقماً قياساً في مزاد (سوثبيز- Sotheby's) حيث بيع بمبلغ (329.000) دولار أمريكي، فقد أصبح اهتمام المتلقي الأجنبي ولاسيما المستثمر يشكل خطورة في توجيه الحركة الفنية المعاصرة نحو التسويق أكثر من النشاط الإبداعي ذاته، وتبرز هنا ضرورة تطوير الوضع للمؤسسات الثقافية الرسمية في المملكة، كذلك فتح مسارات أكاديمية لتدريس الفنون البصرية والنقد الفني وتاريخ الفنون المعاصرة، لما لذلك من دور كبير في تصحيح حالة التلقي وتصحيح مساره لخدمة واقع حركة الفن وتطورها في المملكة، وكذلك إنشاء المتاحف والمراكز الفنية التي لها دور هام في نشر الثقافة الفنية بين كافة فئات المتلقين ويساهم في تأسيس الأجيال وتهيئتها للتفاعل الإيجابي مع المنجز الفني الوطني وتكوين صورة ثقافية جيدة وواعية بدور الفن في تشكيل الصورة الذهنية أمام الشعوب الأخرى، يتحقق كل هذا من خلال الفهم والاستيعاب للأعمال الفنية منذ مراحل التعليم العام إلى جانب القيام بالمزيد من الأبحاث في مجال نقد الأعمال الفنية السعودية المعاصرة وتسويقها. * استاذ الرسم والتصوير المساعد، جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن Your browser does not support the video tag.