عندما نجح عبدالله الرويشد بأغنيتي، "باتبع قلبي، عويشق - لحن الخضر"، من شعر حسين المحضار في مجموعة 1990، فقد اقترح على أبي بكر سالم بلفقيه التعاون معه فأصر الثاني على تولي كتابة وتلحين مجموعة كاملة 1992، فلم ينجح منها سوى "يا ناسين الحبايب" على أنه أطلق رسالة بصوت الرويشد إلى ابنه أصيل الدارس في أميركا آنذاك بعنوان "المصلحة" أثقلتها الوعظية الجامدة. ومما يؤكد أن مذاق الحنجرة جعل الحضرمي ينقذ أعمال بلفقيه، وحدث مع الرويشد، وتكرر ذلك لأغنية "يا سبحان" بإيقاعها البطايحي من المغرب مع حنجرة راشد الماجد، على أن استنفار الطاقة الانفعالية في حنجرة الرويشد البراقة بدا جلياً في أغنية "قلبك تحول"، وذلك عندما أنجز مجموعة "مشوار الأحبة" (1992) التي جمع بها أصواتاً كثيرة، مثل: الرويشد وعبدالمجيد عبدالله وأنغام وابنه أصيل. ولعله في ذروة نجاحات المرحلة الثالثة للسيدة وردة أراد اقتناص مكانة مع الملحن صلاح الشرنوبي، فجمع أغنيات متباينة من بينها جديد "سيبوه، يا راد يا عواد" وآخر مستعاد من أرشيفه "خلي أسر قلبي، يا مروح بلادك"، في مجموعة "سيبوه" (1993)، وتفوقت السيدة في تعريبها ثقافياً على موروثها الحضرمي والصنعاني. ومما يؤثر لبلفقيه تقديمه مجموعة متميزة "ذا من ذاك" (1994) حاول بها استثمار مرجعيته الحضرمية وخبرته المستوعبة لإمكانات صوته التمثيلية، في حركات الجسد وتعبيراته، لا قراراته ولا جواباته، كما ضخمت الخرافة الصوتية وما هي كذلك. يستعيد ذات الطريقة في الكتابة والتلحين، غير أن خبرته بالتعاون مع حناجر متباينة جعلته يمايز في لعبة النبر المكرر بين التفخيم والترقيق في أداء الحرف كأنما التلحين تهجئة لا تنغيم، وهذا ناتج عن رواسب طريقة الإنشاد بالإضافة إلى توظيف الأسلوب المسرحي الفج في أداء معنى الكلمة لغطاء ضالة اللحن في افتعال اهتزاز الصوت، والإيهام بالنزول والصعود السريعين والذي هما تعبير عن مساحة واسعة بينما ليسا كذلك. وفي عقد التسعينيات دعم ابنه أصيل في إنتاج مجموعتين وإشراكه في مجموعات حيث أعاد بلفقيه الكرة مرة أخرى عبر مجموعة "التلاقي2" (1997) فجمع أصالة وذكرى وابنه أصيل وأدى معهم نصوصاً للشيخ محمد بن راشد المكتوم، واعتسف طرقي الهجيني والمسحوب فيها محاولاً استخدام الإيقاعات الدارجة في الأغنية الخليجية آنذاك لإضفاء روح المعاصرة إلا أنها غير أصيلة. وعاد في العقدين التاليين، لاستعادة مرجعيته "جلسة من الذكريات" (2000)، وأسلوبه الموهن "دروب مغلقة" (2010)، والتغور إلى الإنشاد "من الرشفات" (2014). حرّر الموسيقار طلال حنجرة بلفقيه المستنجد من نفسه في مجموعة "شوف لي حل" (2017) إلا أنه ختمها بأغنيته الأخيرة "خنجر يماني"!. Your browser does not support the video tag.