مخطئ من يحاول التقليل من أهمية خطوة السماح بدور السينما في السعودية، وأهمية القرار وتبعاته، أو محاولة الركون إلى التأخير وحسب، لأن تفاصيل الصناعة متشعبة ومتطورة ومتسارعة، ويمكن الاستجابة للتحولات، وركوب موجة المستجدات، والتماهي مع العالم. السينما، لا تختزل بفيلم وفيشار، لأنها أشمل وأعم، كصناعة من جانب تجاري، وكثقافة من جانب مجتمعي.. البيئة السينمائية جزء من المجتمعات، وتفاصيل الترفيه والوعي والثقافة والتأثير، الأمر أبعد مما يتخيله الأغلبية. عند صدور القرار، قبل أيام، فكرت في أهم التحديات التي (قد) تواجه الصناعة، ولخصتها في خمس نقاط: أولاً، ارتفاع سقف التوقعات لدى المتلقي، الذي تعود على المنتجات "الهوليوودية" الاحترافية الرصينة، والمتماشية مع جديد الإمكانات، ما يصعب المهمة لدى المنتج المحلي، فإما أن يقدم شيئاً بنفس الجودة أو أن يكون خارج السباق. ثانياً، منافسة التقنية والبدائل الحديثة، وهذه النقطة جدلية بحتة، فما تعلمناه أن الأشياء الاتصالية والترفيهية لا تقوم على أنقاض غيرها غالباً.. لكل جيل طريقته في التعاطي مع الوسائل، مع ضرورة التأكيد على أن الذهاب لدور السينما هو جزء من الممارسات الترفيهية أكثر من كونه مجرد مشاهدة فيلم. ثالثاً، حداثة الوسائل والتجارب، وهو معلوم في كل صناعة جديدة، وعلى الرغم من أن السينما أعيدت بعد إيقاف ثلاثة عقود، إلا أن المعطيات القديمة تغيرت، وأصبح لزاماً البناء من جديد، ما يوجب وجود مسافة زمنية كافية قادرة على امتحان المعطيات. رابعاً، عدم وجود معاهد ومدارس متخصصة، حيث إن معظم العاملين إما متخصصين درسوا في الخارج، أو هواة قرروا التعلم الذاتي عبر الشغف والمتابعة والتجريب، وكلاهما قادران على تقديم منتجات، لكن من الضروري استحداث مؤسسات تعليمية تبني جيلاً متعلماً، وتثري الصناعة بالمخرجات، وتكون مرجعاً مهنياً موثقاً. خامساً، صعوبة التمويل في البدايات، هذا الأمر قد يتلاشى بتبني عدد من المؤسسات الحكومية مسألة التمويل الأولية، وأظن أن هناك عدداً من رجال الأعمال، وإن يكن محدوداً، لديهم الوعي بأهمية الصناعة، والوعي الاستثماري سينمو تدريجياً، بعد مشاهدة الأرقام على المنتجات الأولى. الأهم بنظري، وكما جاء في بيان الإعلان، أن "العمل بالقطاع السينمائي سيحدث أثراً اقتصادياً يؤدي إلى زيادة حجم السوق الإعلامي، وتحفيز النمو والتنوّع الاقتصادي من خلال المساهمة بنحو أكثر من 90 مليار ريال إلى إجمالي الناتج المحلي، واستحداث أكثر من 30 ألف وظيفة دائمة، إضافة إلى أكثر من 130 ألف وظيفة مؤقتة بحلول عام 2030". والسلام..