كثيرة هي تلك الأفلام العربية الطويلة والتي تعرض على شاشات السينما في كل يوم , في معظم الدول العربية , وكثيرة هي المهرجانات والمحافل التي تعقد من أجل السينما في كل مكان في العالم , حتى هنا في بلادنا , لا نتوقف عن عقد مهرجان السينما العالمي كل عام , حيث تغص البلاد بالنقاد والمخرجين والمنتجين والنجوم من كل مكان , وهم يتنافسون فيما بينهم لعرض أفضل إنتاجهم من الأفلام السينمائية المثيرة والمرعبة , والرومانسية الجديدة , والتي خرجت للتو من استوديوهات العالم , لتغير بعضا من أفكار المشاهدين , ولتضيف أشياء أخرى وجديدة لآخرين منهم , ولتذكر البقية بما نسوه حقا وأغلقوا عليه خزائن النسيان منذ أمد طويل. وكنت أتمنى أن نتذكر , أو يتذكر القائمون على صناعة الأفلام السينمائية العربية , أن هناك فئة عريضة من الجماهير العربية في كل مكان مغفلة تماما عن أذهانهم , وعن مجال صناعتهم , تلك الفئة التي نتذكرها في بعض المناسبات , فنقيم لها احتفالات كثيرة متنوعة , نقدم لها فيها كل ما ترغب به من المراجيح , والخيول الدائرية , وأفلام الكارتون المدبلجة , والقنوات الفضائية المخصصة لها , والسكاكر المنوعة , والحلويات والشوكولاتة على مختلف أنواعها وألوانها , وكل ما يخطر على بالنا , وما لا يخطر من لعب ودمى , وألعاب الكترونية , ودفاتر تلوين , وغيرها. لكننا ننساها تماما حين يتعلق الأمر بالأفلام السينمائية , وخاصة العربية , حقا هناك أفلام باللغة العربية تبث للأطفال من كل القنوات الفضائية وشاشات السينما , لكنها أفلام أجنبية مترجمة أو مدبلجة باللغة العربية , من بلاد أخرى , وثقافات أخرى , وقصص وحكايات لا تنتمي إلينا , وإلى هذه الفئة من جماهيرنا العربية الواسعة ,لقد غفلنا وغفل صناع أفلام السينما عن حقيقة أن الأطفال يمثلون نسبة عالية من عدد السكان في كل البلاد العربية , فهم يمثلون الثلث في بعضها , بينما يمثلون أكثر من ذلك في البعض الآخر , الأطفال , والمستقبل والغد , وستوديوهاتنا العربية تخرج كل يوم فيلما للكبار , منذ ما يزيد على الثمانين عاما , ولم يتذكر أصحاب تلك الاستوديوهات والعاملون فيها على صناعة الأفلام , هذا العدد الكبير من الجمهور , ولم يفكروا في تخصيص أي فيلم عربي لهم , طول تاريخنا السينمائي , الذي أنتج حتى الآن ما يصل إلى الآلاف من العناوين والأسماء لأفلام أخذت مكانتها على الصعيد العربي , وبعضها ارتقى ليصل إلى المستويات العالمية . فلماذا هذا التهميش التام لهؤلاء الصغار من أبناء أمتنا , وعدم إنتاج الأفلام الخاصة بهم ولهم , ؟؟ ولماذا لا تتوجه الجهات المختصة بمحاولة تجنيد الأقلام والقدرات الفنية القادرة والمبدعة , لإنتاج أفلام تعبر عن هؤلاء الأطفال في كل أنحاء الوطن العربي , عن جوعهم , وعريهم , وتشردهم في بعض المدن الفقيرة والقرى , عن المظالم الاجتماعية التي تقع عليهم نتيجة للمشاكل العائلية , وعدم احتضانهم من قبل الأسر والآباء والأمهات ,موضوعات كثيرة , ودراما مؤثرة وقوية , يمكن أن تقدم للطفل العربي من خلال السينما العربية الغافلة عنهم وعن أحلامهم وطموحاتهم ,دراما تخرج من بيوتهم وأحيائهم الصغيرة , ومدنهم وقراهم المختلفة , لتعرض للآخرين الحياة التي لا يعرفونها عن هذا الطفل العربي في كل مكان ,دراما سينمائية تعبر عن هذا الطفل , وتطرح أفكاره وأحلامه وطموحاته , دون تأثر بالسينما الهوليودية , أو الأفلام اليابانية المدبلجة ,سينما عربية للأطفال , تحتاج إلى مؤسسة قوية تدعمها , وتشرف عليها وتقومها بين كل فيلم وآخر . لا أعتقد أن هذا المطلب صعب جدا , أو مستحيل كما يقول البعض , لكن المبدع الذي يمكنه أن يبدع كل تلك الأفلام الجميلة والممتعة للكبار , والقلم الذي كتب كل تلك السيناريوهات , بإمكانه تقديم الأجمل والأفضل لأطفالنا العرب في كل مكان , فقط بإرادة وعزيمة , وربما ببعض الدفع والتشجيع من المؤسسات الخاصة بالطفولة في دولنا وبلادنا.ونحن بانتظار ذلك اليوم الذي يتهافت فيه الأطفال لحجز مقاعدهم , من أجل مشاهدة فيلم عربي منتج من أجلهم ولهم , بدلا من التجوال في قاعات السينما المختلفة , وهم يبحثون عن فيلم يناسب عمرهم , وإدراكهم , وثقافاتهم العربية الأصيلة.