أعتقد شخصياً أن لكل شيء في الدنيا صوتاً وطعماً ورائحة.. قد لا يتفق معي معلم الفيزياء (وقد يحتج البعض بأن الماء لا يملك صوتاً ورائحة) ولكنني على قناعة بأن أحاسيسنا أضعف من أن تدرك ذلك.. نعرف اليوم أن أعيننا لا ترى كافة الأطياف الكهرومغناطيسية - باستثناء الطيف الضوئي الذي نرى العالم من خلاله.. لو كانت ترى من خلال الأشعة السينية أو البنفسجية أو تحت الحمراء لرأينا العالم بشكل مختلف - وربما تمكنا من رؤية الملائكة والشياطين كالديكة والحمير.. أما بخصوص الروائح فتتفوق علينا الذئاب والدببة والكلاب البوليسية بآلاف الأضعاف.. ترى العالم من خلال تركيزات الروائح وتستطيع شمها ليس فقط من مسافة أميال بل (وبعد وقوعها بعدة أيام). حتى الأصوات التي نسمعها ليست سوى جزء صغير ومحدود من مجمل الأصوات التي تحدث في عالمنا (وجاء في الحديث يضربه ضربة يسمعها ما بين المشرق والمغرب إلا الثقلين).. نعرف ذلك لأن مخلوقات كثيرة كالضواري والخفافيش وكلاب الصيد تسمع ما لا يمكننا سماعه (لدرجة يستعمل رعاة الأغنام صفارات لا تسمعها غير الكلاب تستدعيها من مسافة أميال)!! ... ما لا يمكننا رؤيته وسماعه أكبر من مساحة هذه الزاوية -ولهذا السبب- سأضطر للالتزام بعنوان المقال.. فالكون يملك بالفعل أصواتاً يمكن رصدها وإعادة إخراجها بطريقة يمكننا سماعها.. أصوات سجلتها التلسكوبات الراديوية والأقمار الاصطناعية والمركبات الفضائية التي أطلقتها ناسا. أصبح مؤكداً أن النجوم والكواكب تملك أصواتاً فريدة ناجمة إما عن دورانها أو نشاطها أو حركة البلازما والمجال المغناطيسي حولها.. أصبح للمريخ صوت يختلف عن الزهرة، وللزحل صوت يختلف عن المشتري، ولعطارد صوت يختلف عن تيتان، وللشمس صوت أعلى من الجميع.. يمكنك سماع كل صوت على حدة بإدخال هذه الجملة في اليوتيوب (Real Sounds From Space) أو سماع صوت الكون بأكمله بإدخال هذه الجملة Sound of the Universe) (The! ... الطريف أن (كوكب الأرض) هو الأكثر إزعاجاً بين الجميع.. فأصوات النجوم والكواكب محدودة وناجمة عن خصائصها الكونية فقط، أما كوكب الأرض فيضيف لذلك أصوات المخلوقات والبشر وكل ما لا نسمعه ويدخل تحت قوله تعالى: (ولكن لا تفقهون تسبيحهم).. مجرد حديثنا العادي يُحدث تموجات في الأثير تظل تنعكس بلا نهاية حتى تعم الكون بأكمله. وهذا يعني أن الفضاء حافل بالأصوات التاريخية القديمة التي تنتظر من يستطيع التقاطها وإعادة سماعها (وتصور قدرتنا مستقبلاً على استعادة خطبة الوداع أو صوت الفيلة في معركة القادسية).. ... الطريف أكثر أن كوكبنا أصبح أكثر صخباً وإزعاجاً منذ اخترعنا الراديو والتلفزيون.. فالأمواج التي تحمل برامجنا الإذاعية والتلفزيونية تنطلق بدورها إلى الفضاء وتسافر في الكون بلا نهاية.. أرشيفنا المرئي والمسموع تحول (خلال الخمسين عاماً الماضية) إلى مراسيل كونية قد تلتقطها ذات يوم حضارة متقدمة تعيد فتحها والاستماع إليها... ... وحتى ذلك الحين لا تنس أنت الاستماع لصوت الكون في اليوتيوب...