هناك ضغوطات مالية وديمغرافية ووبائية وسريرية هائلة على أنظمة الرعاية الصحية في جميع أنحاء العالم، وتتزايد هذه الضغوط مع مرور الوقت، ولمواجهة الضغوط المتنامية والطويلة الأجل على نظم الرعاية الصحية يلزم وضع خطة "دقيقة". في المملكة 85 ٪ من المرضى الذين يرتادون القطاع الصحي يعانون من أمراض مزمنة، ومعظمهم من المرضى الذين يعانون من أمراض متعددة أو ما يمكن تصنيفه طبياً بالحالات المعقدة. إن ما يقارب 61 ٪ من الموارد المالية المخصصة لتقديم الرعاية الصحية يتم استهلاكها لمرضى الأمراض المزمنة؛ وينفق 63.55 ٪ من إجمالي الإنفاق على المرضى الذين يعانون من أمراض متعددة، و50 ٪ من حالات دخول المستشفيات غير الاختيارية هم للمرضى ذوي الأمراض المزمنة. هذا أحد أسباب العبء الواقع على النظام الصحي وهو ما يجعل النظام الصحي لا يعمل بالكفاءة المطلقة فيما يتعلق بتقديم الرعاية الصحية، لذا وجب السعي إلى إعادة تنظيم الرعاية الصحية لتحقيق هذا الهدف على وجه التحديد، وهو استخدام الإمكانات الكاملة للقطاع الصحي. أولى المهام هو جعل النظام الصحي أكثر استباقية من التعامل بردة الفعل فيما يتعلق بتقديم الرعاية الصحية للأفراد فلا يتعامل مع المرض إنما يسعى لمنع ظهوره. وجعل النظام الصحي أكثر تعاونية مع القطاعات غير الصحية من كونها منعزلة عن بعضها، وهو ما يتوافق مع رؤية المملكة 2030 خاصة برفع مستوى أداء وإنتاجية الأجهزة الحكومية إضافة إلى تحسين جودة الخدمات الصحية بشقيها الوقائي والعلاجي. آخذاً بعين الاعتبار النسب الكبيرة لمرضى الأمراض المزمنة يمكن اتباع نموذج الرعاية المزمنة وهو نهج تنظيمي لرعاية الأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة في مراكز الرعاية الأولية. لكن أهمية هذا النهج يكمن في الطريقة التي تم الاتفاق عليها وآلية تطبيقها لإدارة هذا التغيير، يمكن تطبيق ثلاثة قواعد عمل مهمة: * أن تحمل القطاعات الصحية جزءاً من مسؤولية تطوير بيئة صحية للأفراد من خلال وضع السياسات الصحية مثل السعي إلى تكوين أندية رياضية. * تحفيز النظام الصحي الحالي من خلال تبني نماذج جديدة من الرعاية الصحية كنموذج الرعاية المزمنة. * أن تسعى المنظومة الصحية إلى الحفاظ على التوازن والتكامل بين كافة أفراد الهرم في النظام الصحي وذلك بتحديث ومتابعة الأوصاف الوظيفية لمنسوبي القطاع الصحي. أخيراً يمكن التأكيد على النقطة الرئيسية من حيث سياسة الصحة العامة هي الاعتراف بأنه حتى لو تم التعامل مع الأزمات اليومية بطريقة فعالة فإنها لن تمكن النظام الصحي من مواجهة التحديات المستقبلية للديموغرافيا والتحول المجتمعي أو نمط الصحة والمرض على مستوى المجتمع ما لم يكن معداً مسبقاً لرصد المؤشرات الصحية المجتمعية، بعبارة أخرى من الضروري أن نعي ضرورة الحصول على نظام صحي استباقي.