يبدو أن ما تبقى من مباريات الدوري السعودي للمحترفين هذا الموسم، ستمضي إلى نهايته دون أن تحضر تصريحات رؤساء الأندية وآراء الإعلام المتعصب، لتضع أسباب الخسائر على شماعة الحكم المحلي، بعد مبادرة هيئة الرياضة الأخيرة بالتكفل بطواقم الحكام الأجانب، لجميع مباريات الدوري، بطلب مسبق من الأندية الراغبة في الاستعانة بهم. استقطاب الحكام الأجانب بهذه الصورة الشاملة، سيقطع معه الطريق أمام منتقدي الحكم المحلي، وباتت الكرة تستقر في مرمى إدارات الأندية، لتوجيه سياط النقد إلى جهات أخرى، ليس بينها الحكم المحلي، الذي كانت أخطاؤه في المواسم السابقة، وحتى بداية هذا الموسم قبل صدور القرار الاستثنائي، تمثل متنفساً أمام الإداريين في الأندية، لتوجيه اللوم على التحكيم وحده، وبالتالي تخفيف وطأة السخط الجماهيري حول تراجع النتائج، وفِي هذا الصدد أعلن اتحاد القدم السعودي بعد مبادرة هيئة الرياضة، تطبيق قرار الاستعانة بالحكام الأجانب لعدد مفتوح في منافسات الدوري السعودي للمحترفين وكأس الملك، بدءاً من الجولة العاشرة التي تنطلق نهاية هذا الأسبوع، بعد الفراغ من معسكر المنتخب السعودي في البرتغال، ولم يتمكن اتحاد القدم من البدء بتطبيق القرار من الجولة التاسعة، نظراً لتتالي الطلبات من الأندية السعودية للاستعانة بحكام أجانب، فيما نشر اتحاد القدم بياناً على صفحته الرسمية على "تويتر" بتفاصيل القرار: "اعتمد الاتحاد السعودي تطبيق القرار ابتداءً من الجولة العاشرة، من منافسات الدوري السعودي للمحترفين، والتي ستبدأ يوم الخميس 16 نوفمبر 2017". في هذا الإطار يرى مارك كلاتينبرغ الحكم الإنجليزي السابق، ورئيس لجنة الحكام في الدوري السعودي للمحترفين في تصريحات متلفزة أعقبت القرار، أن الاستعانة بالحكام الأجانب في الدوري السعودي، لن يؤثر على مستوى الحكام السعوديين الحاليين، وقال الحكم الإنجليزي : "قرار الحكام الأجانب رائع، كما هو قرار حكم الفيديو التجريبي، الذي سيبدأ في الجولة العاشرة، وسنسمح لبعض الحكام السعوديين بالسفر إلى أوروبا لتعلم اللغات، وهذه مرحلة انتقالية من كرة سعودية إلى كرة عالمية". وحول بقاء الحكام المحليين كمشاهدين بعد طلب الأندية الاستعانة بالأجانب أضاف: "نخبة الحكام السعوديين سيشاركون في البطولات، كفهد المرداسي، وأتمنى أن يتعلم فريق حكامي من الحكام الأجانب، والكثير من الحكام سعداء لأنهم يتعلمون"، وأكمل: "الحكام لن يبقوا متفرجين، وسيحكمون في دوريات في أوروبا للتعلم الثقافي واللغوي، وكيفية التعامل مع اللاعبين وإدارتهم لمباريات مختلفة". انتهى حديث رئيس لجنة الحكام فيما ستظل قاعدة: "أخطاء التحكيم جزء من اللعبة" هي قاعدة ثابتة عند أغلب النقاد والجماهير ومسيري الأندية، كقناعة داخلية بأن أخطاء الحكام غير متعمدة، ولكنها في أحيان كثيرة تبدو مؤثرة، وبالتالي فإن بعض الفرق تدفع ثمناً باهظاً لتلك الأخطاء لايمكن التجاوز عنه، مع أن ذات الفرق المتضررة وغيرها طالما كانت في موقع المستفيدة من أخطاء الحكام في مباريات ماضية، ولذلك ترسخت نظرية "المؤامرة"، في أذهان المتابعين كحالة أشبه بالوهم الذي يتطلب جهداً مضاعفاً للتخلص منه، قبل أن يتحول لعقدة أزلية باتجاه حكم أو حكام محددين. اللجوء إلى الاستعانة الشاملة بحكام من الخارج، قد يكون مقبولاً هذا الموسم، إذا ماتم النظر إليه كقرار استثنائي تجريبي، سيخفف حتماً حدة التعصب والاحتقان في الوسط الرياضي السعودي، فيما أن استمرار تطبيقه في مواسم مقبلة سيكتب نهاية الحكام السعوديين، وتزعزع الثقة في قدراتهم بصورة واسعة، إذ إن قناعة الأندية بأن أخطاء الحكام الأجانب "بشرية" هي من يؤجج هذا الاتجاه المحموم نحو الاستعانة بالحكم الأجنبي، مع بقاء القناعة المعاكسة لدى الأندية ذاتها، بأن أخطاء التحكيم قد تكون مقصودة من قبل الحكام المحليين، وبالتالي فإن الاستعانة بحكام من الخارج ستمسي كأشبه ما يكون بالمثل الدارج: "شرٌ لابد منه"، إذ إن الثابت في هذا المشهد الضبابي أن الحكم من الخارج ليس بأكثر كفاءة من الحكم المحلي، لكن قرارات الحكم الأجنبي تصبح مقبولة مهما كانت فداحتها أو تأثيراتها، طبقا لقاعدة "حسن النوايا"، وهنا مكمن الخلل الذي يتطلب مزيداً من الجهود المضاعفة من اتحاد الكرة، إلى الارتقاء بالوعي لدى الأندية والجماهير، بمساندة الإعلام المنصف، بأن كفاءة الحكام المحليين وتطورهم لن يتم، دون منحه الثقة مقابل العمل على تطويره عبر برامج متخصصة، تخفف الضغوط الإعلامية والجماهيرية على أدائه وقبل ذلك التعامل معه على مبدأ أنه "جزء من اللعبة" وليس "كل اللعبة".