ها هي المملكة تعود كمحط أنظار العالم، بعد إعلان ولي العهد عن مشروع مدينة المستقبل نيوم، ورأينا كيف تفاعلت قنوات الأخبار العالمية، والمنصات الإعلامية، مع هذا الحدث الذي يرسم ملامح المستقبل للبشرية، ضخامة المشروع وتعقيده يصعب تصورها مهما كان الاختصاص، فتخطيط المدن التقليدية يبنى على أساس احتياجات معلومة، ولكن في حاله مدينة مستقبلية مثل نيوم فالكثير من الأفكار لم تترجم على أرض الواقع بعد، لذلك يصعب التنبؤ بكل شيء، بالرغم من تعدد القطاعات المستقبلية التي ستركز عليها نيوم مثل الطاقة والمياه، والتقنية الحيوية، والتصنيع والذكاء الاصطناعي، وغيرها من المجالات التقنية، سيكون التركيز في هذا المقال على بعض تحديات المستقبل الغذائية التي لابد أن يكون لمدينة المستقبل نيوم الريادة في وضع حلول لها. حسب توقعات الأممالمتحدة، بحلول عام 2050، سيبلغ سكان العالم قرابة العشرة مليارات نسمة، 66 % منهم سيعيشون في المدن بعيداً عن المزارع والقرى المتباعدة، هذه الأرقام العالية تحتاج إلى تقنيات تضمن توفير احتياجاتهم الغذائية على مدار السنة، ففي بداية عام 1900 كان إنتاج المزارع الواحد يكفي لتغذية 26 شخصاً لكن بفضل التقدم التكنولوجي في مجالات الهندسة الزراعية والتعديل الوراثي للمحاصيل ارتفع الرقم 155 شخصاً، تقنيات حديثة مثل الزراعة الدقيقة " (Precision agriculture PA)" كفيلة بمضاعفة هذا الرقم إلى 265 شخصاً في عام 2050! تكمن فكرة الزراعة الدقيقة في زيادة إنتاج المزارع بنفس الموارد المتوفرة، وذلك عن طريق استخدام الأقمار الصناعية والذكاء الاصطناعي لتحديد وبكل دقة معلومات مهمه مثل كميات الري المناسبة، ومكانها بالتحديد، والأسمدة، والتنبؤ بفترات الحصاد وإدارة العملية الزراعية بشكل عام، ما تحتاجه نيوم في المستقبل قد يكون أقرب لما يعمل عليه كاليب هاربر من جامعة MIT حيث يعمل وفريقه على تطوير ما يسمى بكمبيوتر الغذاء، وهي نسخة مصغرة من الزراعة الدقيقة حيث يتم وضع الشتلات في صناديق يتم التحكم في الرطوبة والحرارة والتربة وكل ما يمكن التحكم به عن طريق كومبيوتر خاص للصناديق يتابع احتياج الشتلات حتى الحصاد لكن الكومبيوتر يتعلم في كل مرة كيف ينتج محاصيل أفضل، وتحتوي على قيمة غذائية ونكهة أفضل وذلك عن طريق التلاعب بعوامل الرطوبة والحرارة والإضاءة وغيرها! أيضا من أبرز تحديات المستقبل الغذائية، هو توفير اللحوم بجميع أنواعها البقرية، والدواجن، والأسماك، الذي لا يعرفه البعض أن قطاع صناعة اللحوم يساهم بشكل كبير في زيادة الآثار السلبية للاحتباس الحراري، حيث إن 18 % من غازات الاحتباس الحراري مصدرها صناعة اللحوم، بالإضافة إلى المساحات الشاسعة المستهلكة في تربية المواشي والأعلاف المستخدمة لتغذيتها، بحسب توقعات منظمة الأغذية والزراعة العالمية فإن الإنتاج العالمي للحوم سيتضاعف بحلول عام 2050، مما يعني الحاجة إلى مساحة أكبر وأعلاف أكثر، وقد بدأت بالفعل أكبر شركات اللحوم الأميركية "Tyson" باستثمار 150 مليون دولار لتطوير مصادر بروتين جديده بهدف تقليل الاعتماد على المصادر التقليدية الحيوانية، أحد الحلول الواعدة، هو إنتاج اللحوم في المختبرات بدلاً من المصادر التقليدية الحيوانية! اليوم، تقوم شركة "Memphis Meats" بالعمل على تطوير طرق لإنتاج لحوم حقيقية باستخدام خلايا الحيوانات بدلا عن ذبحها وذلك لتوفير المساحات وكميات هائلة من الأعلاف ولإنقاذ البيئة، تحديات المستقبل الغذائية صعبة للغاية، وقد يعتمد عليها مصير البشرية ككل، وأمامنا في نيوم مسؤولية تجاه المملكة بشكل خاص والعالم بشكل عام بإيجاد الحلول لضمان حياة كريمة للإنسان، وغذاء مستدام لا يؤثر سلبياً على البيئة.