يتساءل البعض.. هل الزراعة العضوية والتي تعرف بأنها ممارسة زراعية تهدف إلى إنتاج الغذاء دون استخدام كيميائي غاية أم ترف؟ الواقع يقول إنها تحتمل الاثنين، فتكون ترفاً عند المستهلك عندما يكون المزارع التقليدي ملتزماً بالمعايير الكيميائية المحددة والتي لا تضر بصحة المستهلك على المدى القصير أو البعيد، ولكنها تتحول لغاية عند عدم التزام المزارع التقليدي بفترات التحريم، أو عدم التزامه بالمعايير المحددة للاستخدام الكيميائي. واقعنا المحلي يقول إن الانطباع العام لدى الأطراف المعنية بالغذاء العضوي (المزارع والمستهلك) يشهد تطوراً. فالمزارع بات يدرك الجدوى الاقتصادية من الاستثمار في مجال الزراعة العضوية، والمستهلك لدية الرغبة في الحصول على غذاء آمن. وهذا ما تفنده وزارة الزراعة في الإحصائية المنسوبة لإدارة الزراعة العضوية بأن عدد المزارع العضوية بلغ حتى نهاية عام 1434ه 110 مزارع ، بمساحة تقدر ب 16 ألف هكتار، وتنتج محاصيل مختلفة من خضار وفاكهة ولحوم وأعلاف ونباتات عطرية وطبية، وهذه الأرقام على الرغم من تواضعها مقارنة بالإنتاج التقليدي إلا انني أعتبرها لبنة أساسية لمستقبل واعد في هذه الزراعة. وهنا أعود لأعقب على عنوان المقالة وهل الزراعة العضوية باتت غاية أم ترفاً؟ وأقول إن واقع السلامة الصحية في محاصيلنا الغذائية لا يصح أن يقارن بالسلامة الغذائية بالدول المتقدمة والتي نقارن أنفسنا دوماً بها مثل أمريكا ودول أوروبا لعدة أسباب، يأتي في مقدمتها انخفاض معدل الرقابة الصحي على المنتجات الغذائية، وانتشار الباعة المتجولين والذين لا يعيرون أهمية في الغالب لمبادئ الصحة والسلامة، وكذلك سيطرة بعض العمالة الأجنبية على عملية الزراعة والإنتاج والاستثمار في بعض المزارع الخاصة والذين يعيرون في الغالب المردود المادي الاهتمام الأكبر. ومن هذا المنطلق فإنني أرى أهمية تفعيل ونشر ثقافة الزراعة العضوية في المملكة بشكل أكبر وأكثف، وبحث سبل تطويرها بشكل جدي من الجهات ذات العلاقة، وكذلك أهمية تحفيز المستثمرين الزراعيين للتوجه للزراعة العضوية، وضمان استمرارية المزارع العضوي في إنتاجه وبحث المعوقات التي قد تطرأ عليه بعد خوضه عملية الاستثمار. كما أرى إيجابية تعاون كل من وزارة الزراعة ووزارة الصحة ووزارة الشئون البلدية والأمانات والهيئات والجمعيات المرتبطة بالغذاء أو الصحة لتطوير هذا الغذاء وهذه الزراعة وإحداث نقلة نوعية في صناعة الغذاء في المملكة مما سيكون له الأثر الإيجابي في تحسين البيئة الزراعية، وسلامة المنتج الغذائي، والتقليل من هدر المياه المخصصة للزراعة التقليدية، حيث إن طبيعة المواد العضوية في التربة العضوية تمتاز بمحافظتها على الرطوبة مقارنة بالتربة التي يزرع فيها المنتج التقليدي.