* (مشكلتي يادكتور هو أني إذا تبولت أعزكم الله تنزل قطرات بول بعد التبول لمدة تصل إلى نصف ساعة أو ساعة ثم يتوقف. وهذه القطرات أراها عيانًا وليس مجرد إحساس بل أشعر بنزولها وأراها تخرج، ولا أتعمد عصر العضو أو نتره، فقط إذا تبولت واستنجيت ونَشف الماء على العضو أرى القطرات تخرج بشكل متقطع تصل إلى نصف ساعة او ساعة احياناً)؟ كان هذا إخواني وأخواتي متابعي عيادة الرياض الصحفية سؤال واقعي لواحد من مئات المرضى الذين يعانون من مشكلة التقطير (او التنقيط) البولي بعد الفراغ من التبول وهي الحالة التي تسبب قدرًا من الكدر والقلق للكثير ممن يعانون منها ليس خوفاً من عواقبها المرضية فقط، بل لكونها تشكل هاجساً ومانعاً لطهارة المسلم قبل أدائه شعائره الدينية. وحتى تكون الصورة واضحة للقارئ الكريم، أحب أن أوضح آلية التبول الطبيعية حيث إن البول يخزن بالمثانة، وعند البدء بالتبول يعبر البول من خلال مجرى البول أو ما يسمى بالإحليل إلى الخارج، والتحكم الأساسي في البول يأتي من وجود عضلة قابضة في الجزء الأول من مجرى البول، وهذا الجزء حوله توجد غدة البروستات؛ ولهذا فإن أي نقط من البول واقعة في مجرى البول التابع للبروستات لا يمكن أن يصل إلى الخارج بدون أمر مباشر من مركز التحكم في الدماغ والذي يأمر العضلة القابضة (الصمام) بأن ترتخي فتفتح الطريق للبول للنزول، وهذا لابد أن يشعر به الإنسان، ولكن عندما تتجمع نقط من البول في مجرى البول بعد منطقة العضلة القابضة فهنا فقط من الممكن أن ينزل بدون أن يشعر به الشخص أحياناً. ويجب التفريق بين حالة تقطير البول بعد الانتهاء من التبول وهي الحالة المقصودة في هذه العيادة، عن حالة تقطير البول أثناء التبول نفسه وهي الحالة الأخطر لما تنطوي عليه من احتباس للبول ومن ثم الضغط على الكليتين في حال تأخر العلاج. وفي حالة التنقيط بعد انتهاء التبول يجب التنبيه إلى سبب هام جداً لهذه المشكلة، فغالباً لا يحدث التنقيط بعد الفراغ من التبول إلا إذا تم الضغط على مجرى البول بشيء أثناء التبول، وهو ما يؤدي إلى أن معظم البول ينزل كالمعتاد، ولكن النقط الأخيرة تحتجز؛ لأن قوة الدفع بها تكون ضعيفة. وأكثر الأسباب شيوعاً للضغط على مجرى البول يكون عند التبول في وضع الوقوف عندما يحدث أن يضع الرجل ملابسه (الغيار الداخلي) أسفل مجرى البول أو أسفل كيس الصفن، وهنا يضغط "الحزام الضام" المتواجد بالغيار الداخلي على مجرى البول، ويحتجز بعض النقط، وتنزل هذه النقط بعد أن ينتهي الرجل من وضع ملابسه الداخلية في وضعها الطبيعي، وهنا ننصح بالتبول في وضع الجلوس إن أمكن، وإن لم يتيسر ذلك فيراعي عدم الضغط على مجرى البول أثناء الوقوف للتبول، لا باليد ولا بالملابس الداخلية كما يحدث أحيانا. وقد اقترح بعض الباحثين أن سبب التنقيط البولي الأساسي هو تواجد بول ثمالي في منطقة الأحليل البصلي أو الموثي أي الذي يمر عبر البروستات وتراجع هذا البول القليل الحجم إلى المثانة عند الانتهاء من التبول خصوصاً عند وجود انسداد في الأحليل، وبتسربه منها ثانية الى الاحليل ومنه إلى الخارج بعد أن يكون الرجل قد انتهى من التبول ولبس ملابسه الداخلية فيسبب هذا التقاطر تبلل ازاره ويؤدي إلى الخجل والحرج والانزعاج وهذا يستدعي قيام البعض بهز العضو عدة مرات لإخراج تلك القطرات من الإحليل ولكن بدون جدوى أوالمكوث في مكان قضاء الحاجة لفترات طويلة مزعجة. كما انه ومن ناحية أخرى فإن من أهم أسباب هذه الحالة تضخم في غدة البروستات مع الضغط على الإحليل داخلها وكذلك التهاب البروستات المزمن والتضيق في الإحليل او عنق المثانة او ليونة في الاحليل او ضعف في الصمام الإحليلي مع رخاوته او خلل في العضلات حول الاحليل او في عضلات المثانة لأسباب عصبية او خلقية. التشخيص يتم التشخيص بأخذ التاريخ المرضي الكامل وسؤال المريض حول وجود أية أعراض بولية أخرى قد يشكو منها او أمراض بولية او تناسلية ماضية قد تكون سببت ضيقاً في الاحليل ويتبع ذلك فحص سريري على الجهاز البولي وخصوصاً البروستات والإحليل ونادراً ما تتطلب هذه الحالة اجراء فحوصات إضافية كالأشعة الصوتية او الملونة وقياس سرعة تدفق البول إلكترونياً وتنظير المثانة والاحليل. العلاج العلاج يتم حسب السبب اذا ما اكتشف ويعالج المريض بالعقاقير لأمراض البروستات ومنها مثبطات الجهاز الوديّ وكذلك في حالة تضييق عنق المثانة نتيجة تقلص الصمام الداخلي او العلاج بالجراحة لتوسيع ضيق الاحليل بالليزر أو بالشفرة او تجريف البروستات بواسطة المنظار. ولكن في الغالبية العظمى من الحالات خصوصاً لدى الشباب لا يوجد أي سبب ظاهر لتلك الحالة فتعالج باستعمال بعض الأساليب التجريبية لإزالتها والتخلص من مضايقة هذه الحالة وإزعاجها. ومن تلك الوسائل التي قد تنجح في الكثير من الحالات التدليك اليدوي على الإحليل البصلي أي ما بين فتحة الشرج واسفل الخصيتين واستعمال منشفة او منديل ورقي ناعم لامتصاص القطرات البولية من فوهة الإحليل او تدليك الإحليل من العجان إلى الصماخ البولي مباشرة بعد التبول لإخراج ما تبقى من البول داخله وتنشيفه بمنديل ناعم. وفي دراسة علمية تمت على المئات من المرضى الشباب الذين يشتكون من هذه الحالة في الولاياتالمتحدة تبين أن تمارين الصمام الخارجي لعدة مرات يومياً قد يكون أفضل علاج لهذه الحالة إذ انه يمنع تسرب البول الى الاحليل البصلي. ولضمان نجاح تلك الوسيلة يجب على الرجل التعرّف الدقيق على موقع ذلك الصمام ويمكن ذلك بسهولة إذا ما حاول أثناء التبول قطع جريان البول بتقلصه المتكرر للعضلات المحيطة بالاحليل وثم ارخاء هذه العضلات لمزاولة التبول واعادة تلك الوسيلة عدة مرات. وبعد تعرفه بدقة على موقع صمامه يمكن القيام بتقلص هذا الصمام رويداً لمدة 10 ثوان من 10 إلى 15 مرة ثلاثة مرات يومياً ولبضعة اسابيع او اشهر لتقويته. وقد أكدت تلك الدراسة نتائج بعض الابحاث الأخرى التي برهنت فعالية تدليك الاحليل والتمارين على عضلات الحوض في معالجة تقاطر البول في آخر التبول أو بعد الانتهاء منه مع نجاح مرتفع خصوصاً مع استعمال التمارين على مدة 3 أشهر أو أكثر والتي تقوي العضلات حول الاحليل لتمكينها من إفراغه كاملاً. الخلاصة ان تقاطر البول بعد الانتهاء من التبويل حالة شائعة عالمياً وتسبب الانزعاج والخجل والحرج وقد تشكك المرء في طهارته عند الوضوء لأداء الفرائض كما إنها قد تكون أحياناً عرضاً لأمراض بولية مثل تضخم البروستات الحميد او ضيق الاحليل او ضيق عنق المثانة او ضعف في الصمام البولي، ولكن تظل الغالبية من أسبابها مجهولة خاصة في فئة الشباب، لذا فإنها لا تشكل أي خطر صحي للمريض ولا تحتاج عادة إلى أية تحاليل او فحوصات متقدمة لتشخيصها. وعلاجها يرتكز على سببها اذا ما وجد ولكنه في أغلب الحالات يستدعي استعمال وسائل اخرى لتفريغ الاحليل من البول المتبقي داخله أو تقوية الصمام الخارجي لمنع تسرب البول عبره. كما يجب التشديد على أهمية التأكد من نوعية هذه القطرات، فإذا كانت تلك القطرات التي تنزل بعد الانتهاء من البول لزجة أو شفافة فإنها قد تكون مذياً أو ودياً وليس بولاً. فالمذي يتميز عن البول بخاصتين هامتين: الأولى: أن المذي به بعض اللزوجة، وليس كالبول الذي يشبه الماء في عدم وجود لزوجة. الثانية: أن المذي شفاف، والبول لا يكون شفافاً إلا في حالة شرب الكثير من السوائل.