بدأت "رؤية المملكة 2030" تحقق مفهوم "المستقبل الآن". فبحقائق الحقل والبيدر، والرصد المنصف نحن أمام استراتيجية وطنية تهطل مشروعات تبلور حياة الغد. لقد كشف مؤتمر مبادرة "مستقبل الاستثمار"، الذي نظمه صندوق الاستثمارات العامة في المملكة، أن "رؤية 2030" هي على مستوى التحديات الهائلة لعصر يتطور بإيقاع سريع قطاره لا ينتظر غير المتأهبين، وأنها قادرة على تحويل الآمال إلى واقع. فمن خلال المؤتمر أثبتت "الرؤية" نجاح العقلية السعودية بامتياز في وضع أسس راسخة لترجمة حلم عريض قابل للتحقق، بعون الله، ثم بفضل العزيمة الجبارة التي يتصف بها الشعب السعودي، والقيادة الواثقة من القدرة على الانتقال بالوطن إلى المستقبل بكل تطلعاته الواعدة. إن الحقائق التي وقف عليها العالم عبر "مبادرة مستقبل الاستثمار" تحاكي أدب الخيال العلمي الذي راج خلال حقب "التطلع العالمي" وعصور النهضة الفكرية والانفكاك من قيود الوصاية المكبلة للفكر الإنساني. وتحولت تلك القصص، بفضل الفعل الإيجابي المتفائل المحلق في فضاء التطلع، إلى ابتكارات صناعية واجتماعية شكلت عالم اليوم. ما يميز المؤتمر الاقتصادي الذي عقد في الرياض أنه تجمع لحالمين وليسوا خياليين، متطلعين لبناء عالم جديد، والأحلام في هذا التجمع محسوبة بقراءات علمية تؤكد جدوى مشاريع تحاكي المستقبل، وتستحوذ على معايير حياة الغد واشتراطاتها ومتطلباتها. ولذلك فإن مشروعات الطاقة المتجددة التي ستنبثق من الشراكة العظيمة التي أسسها صندوق الاستثمارات مع "سوفت بنك" هي انطلاقة حقيقية لفجر جديد يؤسس لقوة اقتصادية وعلمية، أوجزها سمو ولي العهد، في أن مخرجات هذه الشراكة سترفد البلاد بمشروعات تماثل في مجموعها أعجوبة "سور الصين العظيم" في ضخامته وامتداه. فمشروعات السعودية – سوفت بنك من شأنها أن تجعل من المملكة مركزاً ريادياً، كونها تحيط البلاد بألواح شمسية وطاقة متجددة، وستحقق أحد أهم أهداف الرؤية، وهو المتمثل في الخروج من أسر المورد الاقتصادي الوحيد (النفط)، وحماية الوطن من مخاطر تغيير الأسواق والضغوط التي تترتب على ذلك. فلننظر ما ستفضي إليه مذكرة التفاهم التي تم توقعها مع "سوفت بنك"، والتي ستتمكن الشركة السعودية للكهرباء بموجبها من إنتاج ثلاثة جيجاوات من الطاقة الشمسية بحلول 2018، كيف سينعكس هذا الناتج من الطاقة على مختلف القطاعات. ومن يقرأ جيداً نتائج مباحثات "مبادرة مستقبل الاستثمار" يلمس بوضوح أن فئة الشباب هي محور الشراكة النوعية والمعول عليها في مشروعات هذا "التجمع"، فمنذ اللقاء الأول الذي جمع فريق سوفت بنك بمهندسي الشركة السعودية للكهرباء من الشباب اتضح أن الرهان على هذه الشريحة العريضة كان منطقياً وبات في اتجاهه الصحيح وأنها هي المستهدفة بالخلاصة الاستثمارية لشراكة المملكة وسوفت بنك. وفي "خارطة مشروعات المستقبل الآن" المشروع الضخم "نيوم" الذي تم تصميمه بمنظور سياسي وفكر اقتصادي راشد وراكز، لاستهداف قدرات استثمارية بحجم 500 مليار دولار. وتكشف "وثيقة المعلومات والحقائق" عن "نيوم" أن المكاسب الهائلة التي ستعود للمملكة، والقطاعات التي سيسهم "نيوم" في تطويرها، وفرص العمل التي يوفرها للعقول المبدعة والعمالة الماهرة، كل ذلك يجعل من الاستثمارات المتنوعة في هذا المشروع فرصاً تكاد تكون خيالية. ويرى أقطاب "اقتصاد المعرفة" أن "نيوم" الذي يتخذ موقعاً استراتيجياً، بلغة الاقتصاد والاستثمار، شمال غرب المملكة، في مثلث جغرافي يتداخل في الحدود المصرية والأردنية، ويحتضن مشروعات متكاملة قائمة على الطاقة المتجددة، سيحول المنطقة إلى مركز جذب استثماري واقتصاد مزدهر بكل ما تحمل كلمة "الازدهار" من معانٍ وما تعكس من حقائق على الأرض. * نائب رئيس مجلس هندسة كفاءة الطاقة