إِنَّ الَّذي مَلَأَ اللُغاتِ مَحاسِناً جَعَلَ الجَمالَ وَسَرَّهُ في الضادِ الفرنسي إرنست رينان: ( اللغة العربية بدأت فجأة على غاية الكمال، وهذا أغرب ما وقع في تاريخ البشر، فليس لها طفولة ولا شيخوخة. الألماني فريتاج: اللغة العربية أغنى لغات العالم. وليم ورك: إن للعربية ليناً ومرونةً يمكنانها من التكيف وفقاً لمقتضيات العصر يقال عن عامية أهل نجد (اللهجة العامية): إن الإتباع والمزاوجة فيها أقل من غيرها من اللهجات. والاتباع والمزاوجة موضوع طريف اعتنى به مؤلفون قدامى. كذلك نوّه بهما المستشرقون أمثال بروكلمان وغيره. واجتذب الموضوع أنظار اللغوي كوركيس عواد ضمن فصل وافٍ عن الإتباع في كتابه "أشتات لغوية" وركّز على اللهجة العراقية - ربما لتفوقها في الاتباع عن غيرها من اللهجات العامية العربية. فأورد كلمات مثل: أصل وفصل. بطّال عطّال. حيص بيص. خوش بوش. شقلبان مقلبان (المراوغ ). قارش وارش. قنزه ونزه. ولد تلد. وأشياء كثيرة لا يفهمها من لم يعش في العراق. والإتباع: أن تتبع الكلمة بكلمة على وزنها لتزيين الكلام لفظاً وتقويته معنىً. أما المزاوجة فهي: تعديل يلحق إحدى الكلمتين لتناسب أختها في الحركة والوزن، ومنه الإتْباعُ في الكلام، مثل حَسَنٍ بَسَنٍ، وقَبيح شَقيح. وما لم يرد في كتاب اللغوي كوركيس حكاية طريفة عن عامل من أهل نجد ذهب إلى البصرة ليعمل في رعاية النخيل ومهنيته وكان يتطلب منه عبور نهر بواسطة قارب عليه أن يستأجره، من أهل القوارب الراسية في الضفة. وكان النجدي يحمل حقيبة وفراشاً وكيساً صوفياً يسمونه الخرج ( بكسر الخاء وسكون الراء ) يحملون به ما قد يحتاجه المسافر من طعام أو قهوة أو عدة طبخ. سأل النجديّ عن أجرة نقله إلى الضفة المقابلة فقال صاحب القارب: نصف دينار. فاستكثره النجدي وطالب بالتخفيض، فقال له المراكبي: ويّاك أغراض عمي ( لديك عفش يمنعني من تحميل راكب آخر ). معك الفراش والمراش.. والخرج والمرج والجنطة ( الشنطة ) والمنطة، قال النجدي: يسمح أمرك.. سوف أستغني عن "نصف" العفش!. قال العراقي: اركب.. عيني .. نجدي ما تنغلب!. إن الإتباع في اللغة فن من فنونها وعلم بارز من أعلامها يتناقله العرب، ويجري على ألسنتهم عفواً وسجية غير أن الكثير في الوقت الحاضر لا يُلتفت له، ويعد أمراً سخيفاً ولا معنى له بينما هو جانب مهم في لغتنا العربية يعكس مدى ثرائها وغناها..