تتزايد المسلسلات العربية في شهر رمضان بوصفه الموسم الذي يؤسس ثقافة التجمع الأسري سواء في فروضه وواجباته أو في عاداته في الوجبات أو الزيارات أو الجلسات البيتية. ولا يغض النظر عن الاستغلال الاقتصادي في تسويق مشروعات التسمين الاستهلاكية فاقئة أعين المشاهدين والمشاهدات. إذ أذعنت المؤسسات الإعلامية، بمستواها الأرضي أو الفضائي، في حاجتها سواء في إطار السمعي أو المرئي إلى فنون الدراما المنقولة في مضمونها وشكلها المتغيرين غير أنهما يعودان إلى فنون الفرجة العربية ذات التراث الثقافي المعنوي الضخم. فقد استثمرت فنون القول والحركة والأداء من كتب الرسائل والمقامات والسيرة الشعبية والحكايات الشعبية وطيف الخيال، فتحولت إلى قوالب فنون الدراما في القرن العشرين المستمرة من مسرحيات وأفلام ومسلسلات إذاعية أو تلفزيونية. فقد جدّت المحاولات في إعادة توليف العناصر بصور تعبيرية منسجمة إذ استتبعت المتوفر والحاجة لتكون الموسيقى التصويرية أو الأغنية الدرامية رفيقاً متناوباً أو متكاسلاً في فنون الدراما العربية. وهذا الكلام يتجنب الضرورة الموسيقية في الأفلام والمسرحيات الغنائية والاستعراضية. على أن السينما تنقلت من الموسيقى الجاهزة -في النصف الأول من القرن العشرين- إلى التأليف الخاص -فؤاد الظاهري وعمر خيرت-، فإنه ارتبطت المسلسلات بالمؤثرات الصوتية حتى حسمت المقدمات الأغنيات الخاصة -ميشيل المصري وعمار الشريعي-، ولم تقف المسألة عند كمية الدراما في حلقاتها –السهرة الواحدة المرتجلة- ثم السباعيات فالحلقات العشرية فأكثر، حيث تمط على عدد أيام شهر رمضان الثلاثين يوماً، وإنما في أنواعها الاجتماعية والتاريخية والسياسية والتعليمية. فقد أدعت الأنواع إلى وضع أغنيات سواء كانت في مقدماتها أو في ثنايا الحلقات، الدراما التاريخية اللبنانية والسورية والسعودية والمصرية، عقد السبعينيات من القرن العشرين، خاصة، بعد جفاف الفيلم الغنائي، وانتقال الحالة الغنائية والاستعراضية إلى التلفزيون، ويمكن اعتبار الفوازير التي انتقلت من الدراما الإذاعية مثالاً لاحقاً، أعفى من استمرار المسلسل الغنائي والاستعراضي في عقدي الثمانينيات والتسعينيات -نموذجها: نيلي فسمير غانم فشيريهان-. وتوازى معها صعود الأغنية الدرامية في مقدمات المسلسلات، وبعضها استمر بأجزاء عدة، مثل: "أبو العلا البشري" 1985، و"ليالي الحلمية" 1987، و"رأفت الهجان" 1988 ومسلسل "لا إله إلا الله" 1988، و"بوابة الحلواني" 1992. الآن تتسابق المسلسلات إلى نجوم الأغنية العربية لتمهر أصواتها مقدماتها فهي تسحب إلى مسيرة الحنجرة لا الدراما كما أنها تكرس من الحاجة إلى استعادة دور الغناء في التراث الثقافي المتمثل في الحكاية العربية التي لا تتنازل عن راويها الذي يغنيها في البدء والختام.