انطوى عمار الشريعي على بصيرة لا تبارى حين أسس فرقة "الأصدقاء" (1980-1989)، وجعل منها واجهة مواضيعه وتجاربه. ونافس بها كلاً من فرقة "المصريين" بإدارة هاني شنودة وفرقة الفور إم بإدارة عزت أبو عوف، ولم يكن وحده إذ تعززت مواقع جيله في ثنائيات غنائية كما حدث بين جمال سلامة مع سميرة سعيد وماجدة الرومي، ومحمد علي سليمان مع أخيه عماد عبدالحليم وابنته أنغام فيما تخصص خيرت في الدراما الموسيقية منذ موسيقى فيلم "ليلة القبض على فاطمة" (1983) وجاعلاً من المؤلفات الموسيقية ضمن الاختيارات الأساسية عند المستمعين. استطاع الشريعي، بعد تجارب موفقة ومخفقة مع أصوات عفاف ولطيفة -التي ورطها في شهرة غير متوقعة-، أن يجعل من علي الحجار صوته الغنائي الدائم إذ أسهم مع آخرين لكن بنصاب كبير في تكوين أرشيفه الغنائي، وهو ما سحبه من النماذج الأولى مع ألحان بليغ حمدي، ومن الاشتباه مع مجايليه هاني شاكر ومحمد الحلو ومحمد منير غير أن ظلال عمر فتحي تركت آثارها ضمن دائرة العوض الثقافي. وحقق علي الحجار، بالتناصف مع محمد الحلو غالباً، مستوى عالياً من الإجادة الفنية في غناء معظم مقدمات ونهايات المسلسلات التلفزيونية خلال العقود الثلاثة التي أسهم فيها بالإضافة إلى عمار الشريعي، عمر خيرت وحمدي رؤوف ويحيى وميشيل المصري، وقد برع الشريعي في أعماله سواء مع الحجار أو سواه في مشهدة الموسيقى والغناء مرتبطاً بالعمل الدرامي فهو لا يعتمد على جملة موسيقية تسيطر على كامل العمل وهو ما يحدث مع عمر خيرت وميشيل المصري ولاحقاً مع راجح داوود وياسر عبدالرحمن وخالد حماد وهشام نزيه. يعتمد الشريعي في أعماله على البحث عن المكونات المشتركة بين العمل الغنائي والعمل الدرامي ليبني المادة الموسيقية لأغنية المقدمة والنهاية أو لأعمال مرتبطة بمواقف درامية ضمن سياق الحلقات. وقد استطاع إعادة توليف موسيقى محمد عبدالوهاب ومحمد القصبجي في مقدمة مسلسل أم كلثوم (1999) على سبيل المثال ناتجاً عن تمرس في أساليب الملحنين السابقين له ومعرفة عميقة بأرشيف الإنشاد الديني الذي اختار منه بما يوافق مطلع القرن العشرين بينما نراه يستلهم روح اسكندرية في مسلسل "ريا وسكينة" (2005). ويبرع في وضع غنائيات تدمج قالب الموال في الدراما أداها هو نفسه باقتدار بينما لم يقل عنه خالد عجاج الذي منح المقدمة والنهاية "العنفوان الاسكندراني" في الأداء والإحساس والجمع بين التناقض في الإيقاع الراقص والطرب الخاطف، واستطاع سيد حجاب أن يضع في النص الشعري حمولات المكان والرموز عن "الذاكرة الاسكندرانية": "في اسكندرية أبو اسكندر بدع الضواحي والبندر فيها الحواري بالمساكين وفيها جنة راس التين... وفيها ريا وألاضيشها موال جارحها وخربشها وفيها سيد درويشها لونها بالصوت والمنظر"