تمر منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة "اليونسكو" خلال هذه الأيام بأزمة عميقة جراء المعركة السياسية والدبلوماسية القائمة من أجل انتخاب المدير العام المقبل للمنظمة في التاسع من الشهر الحالي من قبل أعضاء المجلس التنفيذي البالغ عددهم 58 عضواً. ووفقاً لصحيفة اللوموند الفرنسية في عددها الصادر الجمعة الماضية تحت عنوان "اليونسكو تبحث عن مدير" ، فإن ثماني دول تتنافس على المنصب وهي الصين، وفيتنام، وأذربيجان، وفرنسا، ومصر، وقطر، ولبنان، والعراق، فيما يميل مرشح العراق إلى الانسحاب لصالح المرشحة المصرية مشيرة خطاب 73 عاماً وزيرة وخبيرة في منظمة الصحة العالمية غير أن موقفه لم يحسم بعد. وبشكل عام يعتقد المستشارون العرب أن دورهم قد حان بالفعل لقيادة اليونسكو، حيث إنه منذ العام 1945 تعاقب على المنظمة مديرون من الأوروبيين والأميركيين والآسيويين والأفارقة، فيما لم يحظَ بالمنصب أي عربي من قبل، وبحسب اللوموند فإن قطر تعتبر أول بلد يشرع في المعركة بشكل حاد، معتبرة أن مرشحها حمد الكواري "69" عاماً وزير سابق ودبلوماسي هو الفائز من دون منافس، للدرجة التي دفعته إلى الإعلان قائلا بشكل استفزازي أنه الرابح، وأنه أحد الأشخاص القلائل الذي حظى بتكريم ثلاثة رؤساء فرنسيين مختلفين "ميتران، جيسكار، هولاند" لهذا أنا المفضل ولهذا سأنتخب. وفي هذا السياق نبهت اللوموند على أن إمارة قطر لازالت تعمل على تكريس سياسة التعصب في المنظمات الدولية عبر استخدام سياسة الصكوك الكبيرة، ففي العام 2014 ساهمت بمبلغ 10 ملايين دولار لصندوق التراث العالمي التابع لمنظمة الأممالمتحدة، وقبل عامين مارست ضغوطا مالية شديدة لاندماجها في المنظمة الدولية للفرانكوفونية بوصفها عضوا منتسبا، وقد تم هذا من دون المرور عبر الاقتراع، واليوم تفعل الشيء ذاته كي تفوز بقيادة أحد أهم منظمات الأممالمتحدة، وتؤكد الصحيفة على أن قطر تلعب الآن على كافة الوجوه، ففيما يبدي مرشحها نوعا من الغرور والثقة الزائدة بدأت بالتزامن في تحريك جماعات الضغط على شبكات التواصل الاجتماعي بينما تمارس هي ضغوطا مالية من نوع آخر، وفي الوقت نفسه تبدو مائلة للترغيب عبر توجيه الدعوة إلى كافة أعضاء المجلس التنفيذي إلى رحلة مدفوعة بالكامل في أرقى الفنادق إلى الدوحة للتعرف عليها، ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد بل تنتهج قطر بعض الأساليب التي لا تتوافق وتاريخ وسياسة المنظمة، مثل إرسال فيضان من الرسائل الإلكترونية على عناوين الصحفيين المعتمدين لدى المنظمة مستخدمة في ذلك عنوان إلكتروني وهمي يشير إلى أنه أحد عناوين المنظمة " information.unesco@gmail"، وتفيد هذه الرسائل أن المرشح القطري قد طمأن كافة الموظفين المتضررين من الأزمات المالية التي عانت منها المنظمة مؤخراً، وأنه تمكن من إبعاد منافسيه، وأن بعض المرشحين قد انسحبوا بالفعل لصالح المرشح القطري، إضافة إلى سيل من التمجيد في مرشح الدوحة، غير أن الصحيفة أكدت في ختام تقريرها بأن المعركة الانتخابية مازالت دائرة.