قبل أكثر من مئة عام، كان الراحل الملك المؤسس عبدالعزيز -طيب الله ثراه-، قد فتح مدينة الرياض، وابتدأ بتأسيس المملكة العربية السعودية، ثم ما لبث أن وحّد جميع أطراف هذه الأرض المباركة تحت راية واحدة وانتماء واحد وأسس في هذا اليوم دولة قوية متماسكة شامخة كانت ولا تزال منارة للمسلمين وللعرب في كل مكان وزمان، رحم الله الملك المؤسس ورجاله وأسكنهم فسيح جناته. واليوم نتذكر الماضي قليلاً لنرى حجم النهضة التي بنيت منذ توحيد المملكة، فنراها قد سابقت الزمن، وتخطت كل الحدود في كافة المجالات. فالمملكة اليوم في المراكز المتقدمة في كافة المجالات ابتداءً بالقطاعات الامنية وصولاً للقطاعات البيئية والسياحية والصحية والتعليمية. فهل يا ترى كان هذا كله من قبيل المصادفة؟! أم كان ثمرة تخطيط استراتيجي طويل المدى، وتفكير قيادي ورؤيه عميقة لكل شيء؟ بالتأكيد لم يكن ليوجد كل هذا التطوير، إلا بفضل الله سبحانه وتعالى أولاً وأخيراً، ثم بواسطة تفكير استراتيجي وتخطيط فريد من نوعه، وتنفيذ دقيق ومتابعة مستمرة على كافة الاصعدة. فبواكير التخطيط كانت لدى المؤسس منذ البداية، فعلى سبيل المثال كان التخطيط في تطوير قطاع التعليم والخدمة المدنية، فارتأى -رحمه الله- أن يستقطب الإداريين والمعلمين من الأقطار العربية والعالمية كافه لتطوير عملية التعليم وزيادة اعداد خريجي الجامعات وهذا ما حدث بالفعل وكانت مخرجات التعليم تواكب ما خطط لأجله. وهو ما سار عليه ابناؤه الملوك -رحمهم الله جميعاً-، وتستمر المسيرة من خلال خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله-. وخلال تلك المدة الزمنية عاشت البلاد ومرت بظروف عديدة، استطاعت المملكة وبفضل الله سبحانه ثم بفضل قياداتها، من تجاوز كل عقباتها وتشق طريقها نحو المستقبل. إنه يوم يحق لنا أن نفتخر به، ونفرح به، لأنه يوم جمع الله فيه قلوب الشعب حاضرة وبادية تحت راية واحدة لتشكل أمة تأخذ مكانها بين الأمم.. ويجب علينا أن نشكر الله بأن جعل بلادنا منارة للمسلمين قاطبة من كل أرجاء المعمورة.. ونتشرف بخدمة ضيوف بيت الله الحرام للحج والعمرة مما جعلنا مميزين في العالم أجمع. اليوم يحق لنا ونحن نردد نشيد المملكة أن نستشعر معاني الكلمات كلها باسم التوحيد بالله، ثم الاعتزاز بالوطن والإسلام، لا لقومية عرقية أو عصبية قبلية، فهذا الوطن قد صهر كل القوميات وأخلص الكلمة لله وحده. كل هذا ما كان له أن يكون إلا بفضل الله تعالى ثم بفضل تفكير ورؤية استراتيجية ابتدأت من الملك المؤسس عبدالعزيز -طيب الله ثراه- ثم من أبنائه الملوك -رحمهم الله جميعاً-، وتستمر من خلال قائد النهضة في المملكة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وتتكامل الآن مع رؤية مستقبلية من القائد الاستراتيجي ولي العهد الأمين وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان، فلنحتفل اليوم بذكرى تأسيس وطن يأخذ مكانه بين الأمم وسيظل شامخاً بعون الله ثم بسواعد رجاله المخلصين. * باحث دكتوراه في العلوم الاستراتيجية