الذين يتابعون أخبار رواج المخدرات في العالم هم أقل ممن يتابعون الأخبار السياسية والكوارث والأمراض الوبائية والسطو المسلّح، مع أن الأولى – كما ثبت – أكثر فتكا. آتي إلى القول إن الجمهور يتابع أخبار ضبط مضاربة أو «خناقة» أكثر من متابعة أخبار مُروّج قبض عليه متلبسا، وأخفى أسلحة ومتفجرات للدفاع عن نفسه ضد المداهمات، مع أن الخطر من هذا وذاك لا يحتاج إلى أداة تكبير الصور. إن منطقة الخليج لا بد وأن تسابق الريح في وسائلها لمكافحة آفة تغييب العقل والحواس (المخدرات). ومما يُثير تساؤلي – إعلاميا – أن تصادم قطارين في بلد ما، أو سقوط جدار عائب يجد عند بعض الدول تخصيص تغطية ثلاثة أيام من الأخبار عن الحدث. بينما القبض على سيارة كبيرة تنقل أقراص التخدير بين بلد وآخر تمر أخبارها، وربما تجاهلت وسائل الإعلام أخبارها جملة وتفصيلا. لا يجب أن نهمل حقيقة كون منطقة الخليج تقع ضمن مربع توزيعي خطير، وذلك لوفرة السيولة المالية وقصر أو انعدام الاستعداد أو تخلّف الوسائل لتطوير طرق المكافحة. فرغم المساعي الكثيرة والمحاولات الملموسة التي تبذلها دول المنطقة وقائيا وعلاجيا وعقابيا، لا تزال مجموعة من الناس أو العصابات تسبق المكافحة بكثير. وأصبحت تعيش وتكسب من ترويج الآفة. فالمتابعة الصحفية لبعض ما ينشر تُرينا ملامح القوّة والعتو والعنف الذي ارتسمهُ المروجون لأنفسهم بامتلاكهم واستعمالهم لأسلحة ذات رؤية ليلية. كما أن لديهم الذكاء المهيل لتجنب الكمائن وسرعة الانسحاب. وتسخير قامات كبيرة للمشاركة معهم. وتميّزت بلادنا في السابق، ونرجو أنها لا تزال، بطبيعة اجتماعية تطرد أصحاب الشرور، بل وتعزلهم عن الروح الاجتماعية للمجتمع، وتنبذهم مهما علا شأنهم. وسائل الضبط يجب أن تكون صنوا ونظيرا ومثيلا ومنسجمة مع حجم الوسائل المعادية، والأحسن أن تكون أسبق إلى الجديد من الوسائل التي يستعملها عتاة المروجين والتجار في تشكيل كوادر الاستيراد والحماية. نحن مع تجار المخدرات في شبه مباراة دائمة العرض مع كائن حيّ يبيع روحه في سبيل المغريات المالية. تكون بشائرنا أقوى ونكون أدنى إلى نهار الغلبة لو اعترفنا بجسامة المشكلة.