كانت سفينة تايتانيك تعد أكبر سفينة نقل في العالم، واشتهرت بأنها الأكثر رفاهية وأنها لا تغرق! ولكن ومع انطلاق السفينة في أول رحلة لها عبر المحيط الأطلسي من لندن إلى نيويورك عام 1912م غرقت بعد أربعة أيام من بدء الرحلة بعد ارتطامها بجبل جليدي لينتج عن ذلك وفاة حوالي ألف وخمس مئة شخص وغرقهم في قاع المحيط... ما الذي نتعمله من غرق التايتانيك؟ هنالك عدة دروس ومن أهمها: أولا) عدم استعجال النتائج: كان المخطط لسفينة تايتانيك قطع مسافة خمسة آلاف كلم بستة أيام. وفي ليلة الحادثة كانت السفينة تسير بسرعتها القصوى رغم أن الرؤية في تلك الليلة لم تكن واضحة ورغم معرفة طاقم الملاحة أن كتلاً جليدية تعبر المحيط وقتها، ومع ذلك قرر القبطان وبإيعاز من مالك السفينة السفر بالسرعة القصوى لضمان عدم تأخر السفينة. وأثبتت تجارب محاكاة أجريت مؤخرا أن سفينة تايتانيك كان يمكنها تفادي الجبل الجليدي لو كانت تسير بنصف سرعتها. صحيح أن ذلك كان سيرتب عليه تأخر السفينة يومين عن موعد الوصول لنيويورك ولكن لما كان 1500 راكب فقدوا حياتهم. ثانيا) الحذر من الثقة الزائدة: تجاهل قبطان التايتانيك خمس رسائل تحذيرية من سفن أخرى استقبلتها السفينة عبر الإشارات عن جبال جليدية ضخمة في المنطقة التي تتوجه إليها سفينته ولكنه لم يعرها اهتماما، كما كان من المخطط إجراء تدريب على قوارب النجاة صباح اليوم الذي حصلت فيه الكارثة، لكن القبطان ألغى ذلك التدريب مما جعل طاقم السفينة غير مؤهل وغير مستعد للتعامل مع الأزمات، ولعل السبب الرئيسي يعود إلى الثقة العمياء بأن التايتانيك لا تغرق، وبالمقابل فمن المطلوب دوما أن يكون هنالك استقراء مستقبلي واستشعار للأخطار. ثالثا) السلامة وحياة الناس أولا: قبل سنتين من انطلاق التايتانيك وفي اجتماع رئيس شركة وايت ستار لاين المالكة مع مهندس السفينة تم إهمال الكثير من جوانب السلامة بداعي التركيز على الفخامة والرفاهية كتوسيع الدرجات الرئيسية وتقليل عدد قوارب النجاة لكي لا تشوه المنظر العام لسطح السفينة الفاخرة. والنتيجة كانت أن قوارب النجاة صار عددها 20 فقط ولم تتمكن من حمل العدد الكافي من الركاب الذين غرقوا في البحر ولم تنفعهم الرفاهية والفخامة بعد إهمال السلامة. رابعا) مخاطر تغييرات اللحظة الأخيرة: قبل إقلاع سفينة التايتانيك بيوم واحد تقرر تعيين كبير ضباط جديد وخفض رتبة أكبر ضابطين والاستغناء عن الثالث الذي غادر السفينة ومع مفتاح الخزانة التي تحتوي على مناظير المراقبة دون أن يتم التدقيق على التسليم والاستلام نتيجة ضيق الوقت، وكانت النتيجة اعتماد الطاقم على العين المجردة مما أخر اكتشاف الجبل الجليدي الذي ارتطمت به التايتانيك. وختاما، في كل بلد ومؤسسة تايتانيك! والإدارة الناجحة من تعالج المشاكل وتتوقعها قبل أن تقع وليس بعد غرق السفينة...