من يتابع السياسات الإيرانية في المنطقة، ولا سيما في العقود الأخيرة يدرك ومن دون عناء ذلك الدور الخبيث والخطير الذي يلعبه ملالي طهران، الذين يسعون لتصدير مفاهيمهم و"ثورتهم" إلى المنطقة تحت يافطات وشعارات طائفية كثيرة، مستغلين الدين عباءة لهم لتمرير ما يرسمونه من مخططات عدائية، حيث تسعى إيران باستماتة منذ مجيء الخميني إلى تعزيز نفوذها الإقليمي على حساب جيرانها العرب، ولا سيما في منطقة الخليج العربي والعراق وسورية واليمن، ولاحقاً في دول ومناطق أخرى. ويلاحظ هنا أن إيران في سياساتها العدائية التوسعية هذه إنما تضرب عرض الحائط، بكل علاقات حسن الجوار واحترام سيادة الدول، التي من المفترض أن تكون حريصة عليها، ليس من أجل مصالح جيرانها وحسب، وإنما من أجل مصالح المنطقة كلها. ومنذ قيام الثورة الخمينية تظاهرت إيران بعداوتها للولايات المتحدة وإسرائيل في مسرحية مكشوفة أريد من خلالها تسويق نفسها كمساندة للشعوب العربية، في صراعها مع "إسرائيل"، لكنها في الواقع كانت وما تزال تكن عداوة حقيقية للخليج العربي عامة وللمملكة العربية السعودية خصوصاً التي تحتضن الحرمين الشريفين، وتحاول جاهدة بسط هيمنتها ونفوذها ونشر طائفيتها الخبيثة وتصدير ثورتها المشبوهة ليس إلى الخليج واليمن فحسب بل لكل العالم الإسلامي، مستفيدة في ذلك من الأحداث التي تطرأ على البلدان المحيطة، وبعض الظروف الاجتماعية من فقر وحاجة واضطراب، كما هو الحال في اليمن؛ لأنها تعتبره البوابة التي تستطيع من خلالها الدخول إلى المنطقة، ولوجود الأرضية الخصبة لتغلغلها، فالأمن في هذا البلد غير مستتب، علاوة على الأزمات الاجتماعية والاقتصادية التي تعصف به، حيث استطاعت النفاذ إليه من خلال علاقاتها بالمليشيات الحوثية الطائفية التي ربطت مصالحها بالأجندة الإيرانية. وبالنسبة للخليج أخذ التغلغل الإيراني بعداً عسكرياً؛ حيث عمدت طهران إلى تأسيس عدة جبهات من المليشيات التابعة لها، وزودتها بالسلاح والعتاد، كما هو الحال في حزب الله البحريني، والذي هو امتداد ل"الجبهة الإسلامية لتحرير البحرين" ومقرها طهران، و"حزب الله الكويتي"، كل ذلك بالتنسيق مع المخابرات الإيرانية التي كانت تهدف لتهريب السلاح عن طريق البحر مباشرة ل"حزب الله البحرين"، بالإضافة إلى قيام إيران بالتدريب العسكري لأعضاء هذا التنظيم في شمال طهران ولبنان، شمل استخدام الأسلحة، والمتفجرات، وكيفية جمع وتوصيل المعلومات، وجمع وتأمين الأوراق السرية، وكيفية تزويرها. كما تقوم المخابرات الإيرانية بالتأييد والحشد الانتخابي للتصويت لصالح القيادات الشيعية الموالية لها في البحرين. محاولات التغلغل الإيراني في دول المنطقة لم تقتصر على الأمور العسكرية، بل امتدت لتشمل الجانبين الإعلامي والثقافي، حيث ركزت على تشيع بعض الكتاب وأصحاب الشهادات العلمية المرموقة؛ لنشر أفكارهم المستقاة من صميم الثورة الإيرانية، ونشر الكتب التي تدعو للتشيع علانية، وإنشاء مكتبات ودور نشر ومراكز بحوث ودراسات متخصصة لهذا الغرض والمشاركة الدائمة في معارض الكتاب الدولي المقامة في دول المنطقة، لنشر أفكارهم وكتبهم بين شعوبها وتوزيع عدد كبير من هذه الكتب مجاناً كنشاط مرافق لهذه المعارض، والتغلغل من خلال التعليم وما شابه من تسميم أفكار الشباب، وتفعيل السفارات الإيرانية في هذا الجانب بإقامة الفعاليات الثقافية، والندوات العلمية، وإنشاء المراكز الثقافية التابعة لها، وإنشاء الملحقيات الثقافية لنشر فكرهم الطائفي، علاوة على تقديم منح دراسية مجاناً لمن يريد اعتناق مذهبهم الطائفي. الشعب اليمني وقف بالمرصاد لأنشطة إيران التخريبية في بلادهم