كان نبأ رحيل الفنان الكبير عبدالحسين عبدالرضا يوم الجمعة فاجعاً، خصوصاً وأن الأخبار المبشرة بتحسن حالته كانت تتوالى من لندن. رحيل الرموز مثل أبي عدنان ثقيل جداً، عندما يأفل نجم كهذا تفقد لوحة الإبداع لوناً مهماً من ألوانها. الأشخاص الطبيعيون وهم الأغلبية مدينون لأبي عدنان بالكثير من السعادة التي أدخلها على قلوبهم. تألموا لرحيله وتبادلوا التعازي مع أهله وأهل الكويت وكافة الوطن العربي، أما الأشخاص المتشنجون المتطرفون، فظهروا بوجه بارد لا يأبه بهيبة الموت ووقع الفجيعة على أهل الميت. كانت أبرز تغريدة طائفية ضج بها تويتر هي تغريدة لشخص يطلق على نفسه لقب الشيخ الدكتور، دعا فيها لعدم الترحم على الفقيد الكبير لأسباب طائفية. التغريدة وُوجِهت، لحسن الحظ، بسيل عارم من الغضب من قبل الجميع تقريباً، باستثناء بعض الأتباع السذج. المخيف أن هذا الشيخ الطائفي يتابعه قرابة ربع مليون شخص يستقون منه الكراهية والتحريض. لقد جربنا على مدى سنوات هذا النوع من الخطاب التكفيري الذي يحرض صاحبُه أبناءَ المجتمع الواحد على بعضهم، ويُضيّق دائرة الإيمان حتى لا تتسع إلا لمن يشبهونه، باتت تلك الدائرة تضيق، وتزداد متطلبات الدخول إليها، حتى وصل الأمر بالمتطرفين إلى قتل والديهم وأقربائهم بحجة أنهم خارج دائرة الإيمان. كانت نتيجة تلك التجربة بالغة المرارة، أُزهقت فيها عشرات الآلاف من الأرواح لاختلاف المعتقد، بل وصل الحقد على الآخر إلى التلذذ بقتله بأبشع الطرق. ووسائل التواصل تعج بفيديوهات لا تصدق من حرق وسلخ وبتر أعضاء ولعب بالرؤوس المقطوعة. هذا ما حصدناه من خطابات الإقصاء والتصنيف والكراهية، لم نتعلم دروس التأريخ الكثيرة والبسيطة، التاريخ يقول بأنه عندما تجتمع عدة أعراق وأديان في منطقة واحدة فلا يوجد لديها خيار آخر غير التعايش بسلام ككيان واحد، ونبذ وتجريم كل من يحاول كسر هذه الوحدة أو تصنيف أبناء المجتمع، وأي خيار عدا ذلك هو خيار كارثي. خذ مثلاً أوروبا التي تقطنها أعراق وأديان مختلفة، خضعت لحروب طاحنة، لكنها الآن تعيش برخاء وسلام لأن مواطنيها تعلموا أن الطريق الوحيد هو التعايش بل والاتحاد تحت مظلة واحدة تعطيهم ذات الهوية. وأخيراً، الإيجابية الوحيدة التي خرجت من تلك التغريدة الطائفية هي أن ردود الفعل عليها كشفت وعياً آخذاً في التشكل، لجيل بدأ يعي خطورة هذا العفن الطائفي، وكان من أجمل الردود الإيجابية عليها، تغريدة للشيخ سليمان الجبيلان تنعي الراحل مصحوبة بفيديو يظهر فيه الشيخ بجوار أبي عدنان ويدعو أن يجمعه الله به في الجنة. حظيت تلك المشاركة بأكثر من عشرين ألف "إعادة تغريد".. ولا عزاء للطائفيين.