رفض علماء الأزهر الشريف وشيوخ وأساتذة الدين بالقاهرة الدعوات التي أطلقتها الدوحة لتدويل الإشراف على الحج وعلى الحرمين الشريفين، مؤكدين أن استغلال موسم الحج لتحقيق أهداف سياسية يخالف مبادئ الشريعة الإسلامية، وهذه دعوات لن تقدم ولن تؤخر ولا يجب الالتفات إليها؛ لأنها تهدف لشق الصف العربي وتمزق وحدته وتماسكه. وقال د. عادل المراغي، الأستاذ بكلية الدعوة الإسلامية بالقاهرة، إن قطر تبث الفتنة في المنطقة ولها أجندات صهيونية وتلعب لعبة قذرة في المنطقة، والإشراف على الحرمين الشريفين قائمة عليه المملكة منذ تأسيسها والأمور مستقرة ومستتبة، ويعتبر ذلك تدخلا سافرا في شؤون دول أخرى. وأضاف المراغي في تصريحات ل"الرياض" أن قطر دويلة صغيرة لا تأثير لها في المنطقة حتى تتبنى رأيا لتدويل الحرمين الشريفين، الأمر صادم وهذا رأي لا يلتفت له، وليست قطر أول من نادت بذلك، بل إيران نفسها تحدثت عن هذا الكلام منذ عامين، وبالتالي حديث قطر يصب في مصلحة إيران. وأكد الشيخ محمد زكي بدار، الأمين العام للجنة العليا للدعوة والإفتاء بالأزهر الشريف والأمين العام السابق لمجمع البحوث الإسلامية، أن هذه دعوة كفر وزندقة وخيانة لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ولا تكون إلا ممن خان الله وخان الرسول وخان الأوطان، وتزوير لحقائق ثابتة في دين الله قرآنا وسنة، فلم يقل الله بتدويل الحج والعمرة وإنما قال: "إنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ{96} فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً"، ولم يقل إن أول بيت بدويلة الفتنة أو بإمارة الخيانة وإنما قال ببكة التي تبك أعناق الجبابرة، فما أرادها أحد بسوء إلا وانتقم الله منه "وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ" فدعوة قطر دعوة إلحاد وفتنة، والفتنة أشد وأكبر من القتل، ولابد للأمة الإسلامية حكاماً ومحكومين أن تواجه هذه الخيانة بكل ما أوتيت من قوة وبكل ما أوتيت من منعة، فلا يؤخذ الدين من قطر ولا مِنْ مَنْ هم على أرضها، حتى يقولوا لنا حجوا هذا العالم أو لا. وتساءل بدار: "ماذا تقصد إمارة السوء التي تضم كل علماء الفتنة والسوء واحتوتهم وآوتهم وأنفقت عليهم؟"، وقال: "قطر أطلقت هذه التصريحات تنفيذا لأجندة ممولة تبغي تفريق شأن الأمة وزعزعة أمرها، فلابد للأمة الإسلامية والعربية بل لابد للإنسانية جميعها أن تدافع عن قدر الله في كون الله وأن تلجم قطر وأتباعها بلجام من نار"، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مَثَلُ القَائِم في حُدُودِ اللَّه والْوَاقِع فيها، كَمثل قَومٍ اسْتَهَموا على سَفِينَةٍ، فَأَصابَ بَعْضُهم أعْلاهَا، وبعضُهم أَسْفلَهَا، فكان الذي في أَسفلها إذا استَقَوْا من الماء مَرُّوا على مَنْ فَوقَهمْ، فقالوا: لو أنا خَرَقْنا في نَصِيبِنَا خَرقا ولَمْ نُؤذِ مَنْ فَوقَنا؟ فإن تَرَكُوهُمْ وما أَرَادوا هَلَكوا وهلكوا جَميعا، وإنْ أخذُوا على أيديِهِمْ نَجَوْا ونَجَوْا جَميعا" وقال المفسرون والأخذ على الأيدي الظالمة العابثة بأمن المجتمعات وسلامها يعني منعهم بكل قوة متاحة وإلا هلك الجميع. وشدد د. محمد مهنا، مستشار شيخ الأزهر الشريف، على أن هذا اعتداء على سيادة دولة أخرى، لأن لكل دولة السيادة على ما يقع في أرضها من منشآت ومؤسسات وممتلكات، وعلى سبيل المثال قناة السويس ممر دولي يقع في أرض مصر وحرية الملاحة مكفولة فيه، ولكن لمصر السيادة الكاملة على قناة السويس، ولا يمكن لأي دولة التدخل في سيادة مصر وسيطرتها على ما يقع في أرض من منشآت، وبالتالي نفس الشيء، الحرم يستفيد منه جميع المسلمين ولكنه يقع على أرض المملكة العربية السعودية فبالتالي لها كامل السيادة على الحرم. وأشار مهنا إلى أن دعوات قطر تصب في مصلحة أعداء الأمة، وتفتيت وتشتيت لجهود الأمة وتمزيقها وتفريقها بما يمكن منها أعداءها، وصرف للأمة عن الأهداف الحقيقية التي تشغلها. وقال الشيخ صبري عبادة، مستشار وزارة الأوقاف المصرية، إن دعوات قطر لن تقدم ولن تؤخر ولكنها تصب في مصلحة إيران الساعية لشق الصف العربي، والحرمان تحت إشراف ورعاية خادم الحرمين الشريفين جلالة الملك سلمان بن عبدالعزيز وهيبة الدولة السعودية، ودعوة دويلة قطر إلى هذا الأمر نفخ في النار، ولابد أن يعلموا أن المقدسات الإسلامية خط أحمر وأن الله عز وجل أوكل حماية الحرمين ورعاية هذا المكان لأهل هذا المكان، منذ أن هاجر إليها سيدنا إبراهيم بولده إسماعيل وهم يتابعون ويحترمون ويقومون على تطهير البيت ونظافته، ونقول لقطر دعوكم من هذا الأمر عليكم أن تطهروا وترعوا بلادكم أولى من الخروج من حزمة دول التعاون العربي ومظلة الأمة الإسلامية، المناصب تزول وتبقى السيرة الطيبة والأخلاق الكريمة، ولقد سطرتم في التاريخ سطرا أنكم داعمو الإرهاب ورعاة أصحاب إراقة الدماء وعليكم أن تستيقظوا قبل فوات الأوان.