يقف الحياء الذي جبلت عليه شقائق الرجال حائلاً نحو الاستثمار الامثل لطاقاتها وخبراتها ومهاراتها ومعارفها, فلا تجدها تستطيع ان تزاحم الرجال في ظل مجتمع ذكوري حتى وان كان يتطلع ذلك المجتمع منها للكثير لأنه خير من يعرف مكنوناتها وتستطيع هي ان تقدم الكثير لان الرجال هم من ربوا بناتهم واخواتهم بالمشاركة مع والداتهم وزوجاتهم, كما ان الانظمة واللوائح ثم السياسات والاجراءات ربما تكون غير موجوده حتى تستطيع المرأة ان تستثمر طاقاتها بعد التقاعد وان كانت موجودة فهي غير متاحة بسهولة وتتساءل السيدة المتقاعدة عن السبيل في الوصول اليها, ومن الجهة التي تستطيع المرأة صاحبة الخبرة ان تتجه لها كي تعرف اين يمكنها ان تقدم رسالتها في خدمة المجتمع وفي جو يضمن لها استمرار ما تربت عليه من الستر والعفاف والبيئة المحفزة للعطاء والجاذبة للتطوع, ثم ان وجدت ضالتها كيف تبلغ رسالتها للمجتمع والحضور الاعلامي الغالب هو للرجال ولا تستطيع في مهنة المتاعب ان تزاحمهم عليه. كما انني اقدر كثيراً ان هناك مؤسسات في المجتمع المدني تؤتي ثماراً يانعة وتقدم خدمات جليله ولكنها لا تستوعب مئات الالاف من شقيقاتي المتقاعدات فالعضوية في جمعياتها التعاونية لا تصنع الانجاز مثلما هي في الادارة التنفيذية او في مجلس الادارة, كما ان هناك تبايناً في الفكر وحتى في اسلوب خدمة المجتمع لان للنساء طبعاً خاصاً ربما يكون حله ان يكون على رأس كل واحدة منهن جمعية خيرية او لجنة صداقة لكل مهارة حتى تستطيع ان تترجم فكرتها كما تريد من واقع خبرتها, هذا بالإضافة الى قلة الخبيرات في العمل التطوعي اللاتي يستطعن نقل ثقافة المسؤولية الاجتماعية الى من ترغب في خدمة المجتمع ممن تنقصهن الخبرة في ادارة القطاع الثالث وترجمة رسالته ورؤيته واهدافه وهي مسؤولية رسمية نفترض ان تقوم بها وزارة العمل والتنمية الاجتماعية في ظل فكر جديد يؤمن الانتاج بدل الاحتياج والتنمية بدل الرعاية وبالأمان بدل الضمان وهي ثقافة بكل تجرد جديدة علينا, واتطلع في الاستفادة من المتقاعدة وتحقيق ما يلي:- اولاً / بناء قاعدة معلومات بالعمل التطوعي المتاح للمرأة وتوصيفه بالمسؤوليات والواجبات والمهام واماكن وجوده وكذلك الاوقات المتاحة في تنفيذه. ثانياً / اطلاق موقع في وزارة العمل والتنمية الاجتماعية وتدعى الاخوات المتقاعدات للتسجيل فيه وارفاق سيرهن الذاتية واوقات الفراغ التي لديهن والاعمال التي يرغبن فيهن والمهارات التي يُتقنَّ. ثالثاً / اتاحة الفرصة للعمل التطوعي للمرأة في المجال الذي تقاعدت منه سواء بمكافأة او تطوع اذا رغبت في ذلك لأن الخبرة ضرورية في العمل النسائي تحديداً . رابعاً / إطلاق جوائز تشجيعية من قبل الوزارة وتخصص لأفضل الافكار والمبادرات وكذلك للداعمات من سيدات الاعمال اللاتي يتطلعن الى المشاركة الفاعلة في خدمة المجتمع . خامساً / اطلاق ورش عمل و ندوات تعزز من ثقافة المسؤولية الاجتماعية النسائية والتعريف بالبرامج التي يمكن الاستفادة منها في جمعيات النفع العام الاخرى . سادساً / اعادة تأهيل الجمعيات واللجان الخيرية النسائية وتحويل العمل فيها الى عمل مؤسسي لا يعتمد على الاجتهاد ولا يقوم على دراسة الفرص والمخاطر وابعاد الفردية عنه . سابعاً / اعادة تشكيل ثقافة الجمعيات الخيرية وايجاد آلية تضمن التفاعل مع الفكر النسائي وتخصيص سيدات لهذا الدور داخل الوزارة . واخيراً ,, هل نرى استثماراً حقيقياً للمرأة في مؤسسات المجتمع المدني كي تقدم ما تستطيع في ظل توافر الخبرة والوقت غير المستثمر وكذلك الرغبة الصادقة في العطاء وهي الكائن الذي لا يشيب ولا يتوقف عن الايجابية ويأمل باستمرار في المزيد من العطاء , ولعل رؤية المملكة 2030 تحقق لنصف المجتمع ما عجزت عنه الخطط الخمسية الماضية فالعديد من محاورها وبرامج التحول الوطني 2020 لن تتحقق دون مشاركة رئيسية للمرأة العاملة والمتقاعدة. * تربوية سابقة وسيدة أعمال