يتيح لنا الصيف أن ندول وندور في ربوع مدننا وأريافها لنرفه عن النفس فضلاً عن استكشاف نتاج أعمال هيئة السياحة والآثار من جانب، وهيئة الترفيه من جانب آخر والهيئات العليا في المناطق والتي تتولى تطوير جوانب محددة من تفاصيل المدن لتزهو على قريناتها بتاريخها وآثارها وطبيعتها كل منها حسب مخزونها. وقد استثمرت الهيئة العليا لتطوير الرياض بشكل لافت لكل زائر لغرب الرياض في تطوير وادي حنيفة، وقد كنت كتبت عن أحد أجزائه الجنوبية الغربية عند جزء "نمار" (كورنيش الرياض، وادي نمار نموذجاً) في 2013، الذي غدا بحيرة تصطاف على ضفافه العائلات كل عصر ومساء. ويأتي مشروع التأهيل البيئي لوادي حنيفة الذي تقوم عليه الهيئة منذ عام 1418 وحتى تم افتتاحه في ربيع الآخر من عام 1431، ضمن خطتها الاستراتيجية لتطوير الرياض، بإنقاذها لوادي حنيفة وإعادته إلى بيئته الطبيعية بعد عقود من سوء الاستخدام والاستغلال الذي جعله مكباً للنفايات ومخلفات مواد البناء ومقراً لمصانع غير صديقة للبيئة ووجهة للاعتداءات العقارية عليه بالردم والدفن والبناء في شعابه دون مراعاة لحرمة الوادي وأحياناً لملكية البعض، متسبباً في اختلال النظام المائي وتكوّن المياه الآسنة وتناقص النشاط الزراعي وتعطل كل وظائف الوادي الطبيعية والبيئية والجمالية من كونه مجرى لتصريف المياه السطحية ومقراً لمكونات بيئية ضرورية للمحافظة على مياه المدينة وبيئتها التي نتنفس هواءها. وقد تم تلافي هذه المخاطر بنجاح، محولين الوادي إلى متنزه وطني بطول 80 كم تقريباً يمتد من شمال طريق العمّارية وحتى الحاير جنوباً، ويضم 3 محميات و6 متنزهات وتنظيف عشرة ملايين متر مربع وإزالة نصف مليون طن من النفايات ومخلفات البناء. كما تم بناء ممرات للمشاة بطول 47 كيلو متراً وغرس آلاف النخلات والأشجار والشجيرات الصحراوية في بطن الوادي وعلى أطرافه مع الحرص على أن تكون هذه المنتزهات مفتوحة للعامة. وقد كانت الفرصة سانحة للمرور بجزء جميل في منطقة عرقة في الطريق الأسبوعي لإسطبل الصافنات للفروسية حيث يتدرب أطفالي على ركوب الخيل، فنرصد جزءاً من المشروع لطرق المشاة وطرق المركبات وانتشار الشجيرات الصحراوية وقنوات تصريف السيول بينما تمتد بالمقابل الممتلكات الخاصة يمنة ويسرة ومنها ما أغلق طريق الوادي فالتف الطريق منكسراً، ومنها ما سد منافذ مسايل الجبال التقليدية مما يعتبر تحدياً للمشروع يحاول أن يحله بفرض مواصفات خاصة على الأسوار المطلة على الوادي بنوعية الأحجار وارتفاعها وفتحات السيول في أسفلها واعتماد شكل البناء التقليدي، لخلق نوعٍ من التجانس مع الطبيعة، ولكنها لا شك لا تكفي، وندعو للهيئة بالتوفيق في مواجهة هذه التحديات التي ما زالت قائمة.