تستغرب أحيانا من افتقاد بعض الحملات أو المبادرات الإعلامية التي تطلقها مؤسسات خاصة أو عامة للحد الأدنى من أسس العمل الإعلامي واشتراطاته. ولعل المشكلة الأساس تكمن في أن بعض هذه المؤسسات تسلّم الميزانية الإعلامية لموظفين غير متمرسين فينفقونها بحسب المتاح أو السائد من ممارسات تبعا للإعجاب الشخصي أو تقليدا عن تقليد دون دراسة أو تدقيق. عالم اليوم يختلف عمّا سبقه فهنا وسائل جديدة ومحتوى متناثر وشاشات غشاشات تعتمد في معظم محتواها على (المزاج) المتأرجح لصاحب الرسالة الذي امتلك القدرة على البث دون ضوابط. ومن هنا يمكن الإشارة لأبرز عشرة أخطاء في تعاملنا مع منصات وشخصيات الإعلام الجديد: الخطأ الأول: الاعتقاد بأن الحضور على الإعلام الجديد هو الجزء الصعب من العمل الإعلامي في البيئة الجديدة. ما هو أصعب فعلا أن تبدأ العمل دون إستراتيجية. وقد تكون البداية بسؤال: هل لديك دراسة عن جمهورك الخاص واحتياجاته وتفضيلاته الإعلامية؟ الخطأ الثاني: اعتبار كثرة متابعي الموقع المستخدم أو المنصة أو الحساب الإلكتروني الذي يعمل (معنا) دليلا على الجماهيرية ومؤشرا على التأثير. أولا: الحقيقة التقنية تقول يمكن تزوير الأرقام والمشاهدات والانتشار الجغرافي. ثانيا: الجماهيرية لا تعني التأثير بالضرورة لأن الجماهيرية (المتابعة الكثيفة) قد يجلبها الفضول وأحيانا كراهية المصدر لتعميق الشعور وتعزيز التوجه نحوه. الخطأ الثالث: التضحية بمصداقية المصدر والاعتماد على "السمعة" ويحدث ذلك من خلال توظيف أسماء (اشتهرت) بسرعة عبر الوسائط الجديدة وأحيانا تكون مكونات الشهرة لسبب وقتي "سخيف". كما أن بعض هذه الأسماء ربما تمتلك سجلا (إلكترونيا) سابقا من عدم المصداقية أو قد تستجلبه لاحقا فتنعقد المقارنات في البيئة الإلكترونية التي لا تنسى ذاكرتها أي شيء. الخطأ الرابع: عدم تعزيز الجهد الإعلامي المخصص لتعزيز الصورة الذهنية والاكتفاء (بفلاشات) بعض تطبيقات الإعلام الجديد ما قد يؤدي إلى انعدام الأثر التراكمي وتكون الصورة. وهنا قد تضطر إلى تكرار جهود التعريف بمؤسستك أو منتجك بشكل دائم لملاحقة الجمهور المتغيّر بسرعة أمام الشاشات. الخطأ الخامس: تسطيح المحتوى الإعلامي (الإعلاني) تبعا لثقافة الإعلام الجديد (السناب/ يوتيوب/ تويتر) الذي يعتمد على "الخفّة" "والومضات" التهكمية التي هي من أسس جذب مجتمع الشاشات. الخطأ السادس: التفريق في التوظيف الإعلامي بين المثير والمؤثر في الرسالة الإعلامية تبعا للرسالة والجمهور المستهدف. الخطأ السابع: عدم فرض التفضيلات الشخصية التي يتم بناء عليها اختيار المنصة أو الشخصية "الجماهيرية" التي تضحكك أو تثير انتباهك. قد لا تكون لهجة ابن منطقتك التي تطرب لها مؤثرة إيجابا في الصورة الذهنية للمنتج أو المؤسسة التي أوكلت لك مهمة تسويقها إعلاميا. الخطأ الثامن: عدم التنبه لطبيعة جمهور الشاشات الصغيرة (الهواتف الذكية) الذي يشكل غالبية مستهلكي مواد الإعلام الجديد. هذا الجمهور نعم يتميز بالحيوية ولكن أيضا هو سريع الملل وقد لا يقرر كل شيء لوحده. الخطأ التاسع: الانجراف نحو لعبة تكثير الزوار والمتابعين وعدم التنبه لوجود مقاييس خاطئة للجماهيرية والانتشار. ليس مهما أن يكون لديك نصف مليون متابع إذا كانت طريقة الحصول على الرقم الكبير غير صحيحة. الخطأ العاشر: إظهار المسؤول الإداري من بوابة الإثارة الترفيهية الخفيفة للمنصة الإعلامية. وهذا ملاحظ عند قيادات بعض المؤسسات أثناء استضافتهم "مشاهير" أو تحدثهم عبر منصات الإعلام الجديد. عزيزي المدير لم تكن "خفّة الدم" المصطنعة من مؤهلات تعيينك مسؤولا عن هذه المؤسسة. * قال ومضى: أعظم الناس من استطاع أن يستمع لينصت.