أنا شخصيا أصدق بأنك حين تضحك تضحك لك الدنيا، وحين تبتسم يفتح لك الناس قلوبهم .. هناك تجربة طريفة قام بها عام 1988 طبيب يدعى فرانك ستراك أكدت أن الضحك (غير تأثيره الإيجابي على النفس والجسد) يجعلنا نرى الدنيا بشكل أجمل وأكثر إشراقا... عرض أفلاما مضحكه على مجموعتين من الطلاب، المجموعة الأولى طلب منها تثبيت قلم رصاص بين الأسنان الأمامية (لتفعيل عضلات الابتسامة في الوجه) في حين طلب من المجموعة الثانية تثبيت قلم الرصاص بين الشفتين (لتفعيل عضلات التقطيب والتبويز في الوجه).. وفي نهاية التجربة طلب من المجموعتين وضع علامات من 1 إلى 10 لمستوى الأفلام التي شاهدوها .. الفئة المبتسمة كانت أكثر سعادة ومرحا ومنحت الأفلام تقييما مرتفعا؛ في حين منحتها الفئة المتجهمة علامات أقل ولم تشعر أنها مضحكة بنفس القدر (وتخيل نفسك؛ كيف يبتسم من فيلم مضحك رجل يتصنع علامات الوقار)... وهذا وحده يؤكد أن شعورنا بالسعادة يجعلنا نرى الدنيا بشكل سعيد ومتفائل، وأن الابتسامة والضحك تمنحاننا شعورا معاكسا من السعادة والحبور (كما شرحت في مقال: «الضحك بلا سبب علاج وقلة تعب» .. وفي المقابل؛ حين تمارس الغضب بكثرة يصبح طبعا وجبلة لدرجة ستغضب دائما من أشياء بسيطة وتافهة لا يهتم بها معظم الناس.. حين تمارس التجهم بكثرة يتحول إلى طبع وجبلة لدرجة لا يرضيك شيء ولا يعجبك شيء، ويصبح كل شيء حولك كئيبا وخاطئا وميؤوسا منه... لا يجب أن تغضب أصلا حتى لو مررت بمواقف حقيقية تستدعي غضبك.. حاول تحاشي الموقف المغضب، وان لم تستطع أعرض عنه أو ارتفع فوقه، وإن لم تستطع فلا تستمر فيه أو تنجرف داخله .. أما إن أجبرت عليه فتعامل معه بروح مرحة أو ساخرة بل وأضحك منه كما فعل الرسول الكريم مع الأعرابي الذي جذبه بغلظة وقال له مُر لي من مال الله (حتى قال أنس نظرت إلى عاتق النبي قد أثرت به حاشية الرداء من شدة جذبته) فما كان من الرسول صلى الله عليه وسلم إلا أن ضحك في وجهه وأمر له بعطاء... يجب أن تفعل ذلك لأنك تستيقظ كل صباح بطاقة إيجابية محدودة ومحسوبة يفترض أن تكفيك طوال اليوم.. ولكنك قد تخسرها (كلها) في مشاجرة عابرة أو نقاش مشحون أو موقف غاضب.. وحين يحدث هذا تفرغ طاقتك الإيجابية فجأة فتقضي بقية يومك غاضبا ومتوترا وساخطا على الجميع... وفي المقابل؛ لا تحتاج لغير الابتسامة (والحلم مع الآخرين) لترى الدنيا بشكل سعيد وجميل...