يبدو أن القرار السياسي والاقتصادي القطري بلغ مستويات لم يعد ممكناً معها تلافي الدخول في مرحلة الانهيار، فتحركات الدوحة خلال الأسابيع الماضية تمثل النموذج السيئ لإدارة الأزمة، وهو ما دفع الأطراف التي كانت مترددة في اتخاذ موقف حازم من السياسة القطرية إلى إعلان غضبها من كذب وتلفيق السلطات الحاكمة في الدوحة عليها وإظهارها بمظهر المنافق. حدث هذا في أكثر من مناسبة تعاملت فيها قطر مع دول ومنظمات على أنها مؤيدة لإجراءاتها من جانب والتقليل من آثار المقاطعة على اقتصادها من جانب آخر، حتى إن بعض المنظمات الدولية أصدرت بيانات تتبرأ فيها مما نسبته إليها السلطات القطرية وأجهزة إعلامها وفي مقدمتها قناة الجزيرة. مغالطات إعلام الدوحة في قلب الحقائق وعدم تحري الدقة والافتراء على مسؤولي المفوضية السامية لحقوق الإنسان استدعت استهجان المنظمة التي أصدرت بياناً بلهجة حازمة للرد على المغالطات القطرية، فتلفيق التصريحات على لسان مسؤولي الأممالمتحدة يمثل خطوة تصعيد غير مسبوقة في تاريخ المنظمات الدولية، وإن كان غير مستغرب من قطر التي قامت بتزوير وثائق وتقديمها إلى محكمة العدل الدولية في قضية نزاعها الحدودي مع جارتها البحرين. وكذلك مجلس منظمة الطيران المدني الدولي (إيكاو) التي عقدت اجتماعاً أشادت فيه بإجراءات المملكة والإمارات والبحرين في سلامة الملاحة الجوية فوق المياه الدولية بالخليج العربي، وهو الأمر الذي حمل أبلغ رد على ادعاءات قناة الجزيرة بأن المنظمة تنحاز لموقف الدوحة وشكواها من حظر الطيران القطري فوق أجواء هذه الدول. الأيام الماضية شهدت سقوطاً لسلطات الدوحة التي يدرك الجميع أنها سلمت قرارها لدول ومنظمات إرهابية ومستشارين يعملون خارج إطار المصلحة الوطنية لقطر، ولا يزال السقوط نحو المجهول متواصلاً، وهذه العوامل مجتمعة تفسر حالة الشفقة التي بدأت تنتشر في الأوساط الشعبية الخليجية بما فيها القطرية على مصير هذه الدولة التي حولت ثرواتها بعد أن كانت مصدر رفاه لشعبها إلى جماعات الإرهاب ومخططات التخريب في العالم العربي في صور دعم سياسي واقتصادي من المستحيل إثبات أي مصلحة تعود على قطر ومواطنيها تتحقق من خلالها.