أيام قليلة وتنقضي المهلة التي تحدد قطر فيها مسارها المستقبلي بعد أن أصبح أمامها خياران؛ إما البقاء في منظومة الدول الشقيقة المؤمنة بوحدة المصير والهدف، أو البقاء تحت مظلة قوى إقليمية تعمل وفق منظومة مصالح وأجندات مختلفة عن الرؤية الخليجية الموحدة. وضع الدوحة أمام الخيارين كان قراراً طال انتظاره منذ بدأت بالتحليق بعيداً عن الكتلة الخليجية والمحيط العربي لأسباب يمكن جمعها في سياق أملٍ بعودة الشقيق الضال إلى طريق الخير، واستغرق هذا الأمل 20 عاماً كانت قابلة للزيادة إذا ما أخذنا في الاعتبار سياسة النفس الطويل التي تتبعها الدول المعنية بقرب بلوغ السياسة القطرية لسن الرشد، وهو الأسلوب الذي توقف العمل به نتيجة لوصول السلطات الحاكمة في قطر إلى مرحلة متقدمة في إيذاء الأشقاء والطعن من الخلف والأمام في بعض الأحيان، فلم يعد هناك مجال للصبر أو الانتظار حتى تحدث كوارث لا تحمد عواقبها. هذه هي الحالة القطرية بين الأشقاء، والتي يبدو أنها تعيش فصلها الأخير، وأياً كانت نتيجة قرار سلطات الدوحة فإن الأشقاء لن يلحق بهم أي ضرر، وعلى العكس سيكون الحال عند اتخاذ قرار الابتعاد عن صفوف الأشقاء، حيث ستتحول إلى مجرد ورقة في مهب رياح معكسر آخر لا ينظر إليها إلا مجرد حقل غاز ضخم وملجأ آمن لكل الخارجين عن القانون، وأرض خصبة للتواجد العسكري الأجنبي. وحتى نهاية المهلة ستستمر الحكومة القطرية في تناقضاتها، في حين ستتولى مهمة التصعيد أطراف إقليمية ستتخذ من الدولة الصغيرة حصان طروادة في علاقاتها المستقبلية مع الدول الخليجية والعربية، ولهذا كان الحرص في خطابات المسؤولين على تفاوت مستوياتهم وتأثيرهم في السياسة القطرية على إدراج كلمة (السيادة) لتبرير أي تعثر قطري متوقع في طريق الأشقاء، في حين تستباح سيادة الدوحة ليل نهار في خطابات تخرج من عواصم تبدو وكأنها تملي على الديوان الأميري القطري ما يجب عليه اتخاذه من قرارات. الدول الخليجية قالت كلمتها، وتدرك تبعاتها، وتحرص كل الحرص على سيادة قطر التي لم تمسها في الماضي، ولن تمسها في المستقبل، وعلى قطر اتخاذ ما تراه مناسباً لها، وستكون وحدها من يجني الربح ويدفع ثمن الخسارة، فالمطالب لم تقدم لعودة الدول المقاطعة إلى قطر، بل جاءت في سياق شرطي لعودة الشقيقة الصغرى إلى الجسم الخليجي والمجموعة العربية.