القوة الناعمة لأي دولة تعتمد بشكل رئيسي على الوسائل الإعلامية والثقافية والتعليمية والرياضية بهدف تحقيق أهداف الدول وفي الحالة القطرية استخدمت أدوات مختلفة وسأختصر الحديث عن الإعلام. كانت البداية بتأسيس قناة الجزيرة العربية، وتحت ستار الرأي والرأي الآخر كانت منصة لبث أدبيات تنظيم القاعدة والجماعات الإرهابية الأخرى. كان نجاحها في بدايات تأسيس القناة لافتا كون لم يسبق لقناة حكومية أو تجارية استضافة إرهابيين أو استخدام معارضي دول ضد دولهم، وهذا النجاح قصير المدى حفز الحكومة القطرية على إطلاق شبكة قنوات وكان من ضمن القنوات، الجزيرة أمريكا والجزيرة الإنجليزية، وتكلفة تأسيس الأولى مليارا دولار وحققت نسبة مشاهدة في ساعات الذروة ثلاثين ألف مشاهد فقط بينما الجزيرة الإنجليزية نسبة مشاهدتها في المملكة المتحدة أقل من 1٪. سبب فشل الجزيرة أمريكا هو ارتباط القناة بالسياسة الخارجية القطرية، وارتباطها بالعلامة التجارية لقناة الجزيرة العربية التي نشرت لقاءات لقادة تنظيم القاعدة وفتاوى يوسف القرضاوي ضد القوات الأمريكية في العراق خلال فترة الغزو الأمريكي، وهذا ما تسبب في إيقاف خدمة الجزيرة أمريكا عبر الكيبل، وعلق مسؤول في القناة أن سبب الإيقاف تجاري وسياسي، وأغلب الظن أنه سياسي، فالشبكة لم تؤسس لأهداف تجارية. اليوم وبعد أن شكلت قطر شبكة قنوات ناطقة بلغات مختلفة واستقطبت إعلاميين من دول عدة، من الواضح أنها لم تحقق أهدافها، فالقناة لم تعد تلتزم بأبجديات العمل الإعلامي وهو نقل تصاريح المسؤولين كما تصدر منهم، وبات تحريف تصاريح قيادات الدول أسهل ما يمكن أن يحدث في الجزيرة وليس أدل من ذلك تحريف تصريح الرئيس الأمريكي دونالد ترمب الذي أشار فيه "أن حكومة قطر لديها تاريخ في تمويل الإرهاب" وحرفت القناة التصريح إلى "أن لديها -أي الدوحة- علاقات جيدة في هذا الأمر، وهذا يوضح المأزق الكبير الذي تعيشه الدوحة اليوم وان إنفاق المليارات على شبكة إعلامية لأكثر من عقدين تهاوى عند أول اختبار. الخلاصة: صعود الدوحة الصاروخي عبر قوة ناعمة اعتمد على المرتزقة والمعارضين وعلاقاتها مع الجماعات الإرهابية يواجه اليوم هبوطا صاروخيا، والسبب في ذلك أن القوة الناعمة ليس بمقدورها أن تقلب الباطل حقا، وكما خسرت المشاهدين والتأثير حول العالم بمجرد قطع علاقات جيرانها معها وأضحت صورتها أمام العالم مهزوزة، فهي كذلك على مستوى العالم العربي، ولم يعد لها إلا مرتزقة فشلوا في دعم قطر عربيا وعالميا.