فجعت إحدى الأسر الأسبوع الماضي بوفاة طفلها أبو الثالثة عشر "انتحاراً" في حادثة من أبشع الأسباب.. تحدِّ إلكتروني. نعم.. تحدّ لألعاب إلكترونية. ما يمكن أن نطلق عليه لعبة مجازاً، هي في الواقع مصيدة لاستدراج الأطفال والمراهقين إلى درجة من الاسترقاق والاستيلاء على إرادتهم لدرجة جعلهم يقومون بالانتحار وتقديم أرواحهم لقاء إنجاز هذا التحدي القاتل. في مقالي في بداية فبراير بعنوان "ألعاب الفيديو.. الخطر الكامن" كنت أتناول ثلاثة من الألعاب الإلكترونية وأخطارها المحدقة بأبنائنا متصورة أنها الأخطر عليهم وعلى أخلاقهم ونموهم النفسي حتى نصل إلى اللعبة الخارقة التي وصلتنا اليوم واختطفت أحد أطفالنا وما ندري عمن لم يُعلن عنهم من الضحايا. لعبة "الحوت الأزرق" لعبة قام مهووس روسي باختراعها وطرحها على تطبيقات الانترنت الانستغرام يدعى "فيليب باديكين" ويقبع الآن في السجن، لكن هذا لم يؤد إلى القبض على لعبته أيضاً التي تعبث طليقة بحيوات الأطفال شرقا ًوغرباً وقد حصدت مئات أرواح الطفلات والمراهقات في روسيا، مع الغالبية بين الفتيات لسبب غير مفهوم. وتنتشر شيئاً فشيئاً في بقية أنحاء العالم واصلة إلى السعودية والخليج حيث يخبرني أبنائي وهما بين العاشرة والثانية عشرة، بأنهما يعرفان اللعبة وخطورتها ومعروفة بين أصحابهم في المدرسة. وقد قامت بعض المدارس في بداية السنة من التحذير من هذه اللعبة في بادرة تربوية ممتازة، لكن من الواضح أنها لا تكف، وهناك ما تسرب إلى أبواب الغرف المغلقة حيث الأطفال ينفردون بأجهزتهم المحمولة وألواحهم الرقمية حيث يتوحدون مع الرسائل التهديدية التي تستدرجهم حتى يدخلون ويردون على قائد هذه اللعبة الذي يستولي بمجرد الموافقة على تطبيقه، على كل معلومات جهاز الطفل ثم يبدأ في تهديده بالوصول إليه وإيذاء أهله إن لم يستجب لكل التعليمات التي تقوم على هبة النفس للحوت الأزرق لمدة خمسين يوماً، أثناء ذلك تدور حوارات حول القيام بتحديات صعبة مع الذات مبنية على توجيهات تبدأ باستنفاذ طاقته بإجباره على البقاء ساهراً لعدة أيام يعقبها البدء بإيذاء النفس والقيام بوشوم بالسكين على شكل الحوت على أجزاء الجسم ثم بإجراء التحديات في أوقات متأخرة من الليل عادة بين الثالثة والرابعة فجراً حتى ينتهي اليوم الخمسين بالتحدي الأكبر وهو الانتحار. بلغت القصص التي اطلعت عليها حوالي أربع ما بين الطائفوجدة والخبر وأعمار بين 9-13 وما خفي كان أعظم. يقوم هؤلاء الأطفال بالانتحار بآليات مختلفة منها القفز من عال أو الشنق أو استخدام آلة حادة في قصص فاجعة، ونحن ننتظر التالي. إننا نتحدث عن أطفال يعتقد أهاليهم أنهم يستمتعون بوقتهم بألعاب يوفرونها لهم بكل حب ويتركونهم ليستمتعوا بها في ساعات رمضان الطويلة في إجازة إجبارية بعد التعطيل القسري تاركين الأطفال لوقت فراغ لا نهائي. المشكلة ذات أبعاد متراكمة وتحتاج لتآزر المجتمع مع الأسر بالتوعية وبالقوانين التي تحمي الأطفال. التشديد يجب أن يكون عالياً على إتاحة الألعاب الإلكترونية وتسهيل الوصول إليها. يقول مخترع اللعبة الصفيق: "أسعى لتنظيف المجتمعات من الأشخاص عديمي الفائدة". والله يحمي أطفالنا من هؤلاء المرضى.