على أنغام فيروز وفي أحد المطاعم الراقية في لندن وتحديدا عام 1995م، كان صديقي القطري يشرح لي سر الإعلانات المنتشرة في بعض الأماكن العربية في لندن، بأنها ستكون ولادة قناة إعلامية مهمة عربيا وهي الجزيرة، لم يكن يتوقع أنها ستكون نقمة ضد بلده، وأنها مشروع مُفسد إعلاميا وأخلاقيا. منذ انطلاقتها ركبت قناة الجزيرة موجة إعلامية مغايرة للواقع المعتاد عربيا، كانت تعتمد على الإساءة كثيرا للدول، كانت قبيحة في توجهها، استغلت بصورة جعلت البعض يربط تطور وأهمية دولة قطر بهذه القناة، البيانات الإرهابية كانت أحد مصادرها، حتى في ظل محاربة العالم لإرهاب داعش، كانت ومازالت تطلق عليهم تنظيم الدولة الإسلامية، في مرحلة العشرين عاما الماضية، كانت الجزيرة تمثل حالة شاذة إعلاميا، شاهدنا من خلالها الغوغائية الإعلامية وقلة الأدب بين الضيوف والكثير من الاستفزازات ضد المملكة خصوصا والكثير من الدول، كانت السعودية حليمة مع القناة وسمومها تقديرا للعلاقات الأخوية مع قطر وشعبها، كنا في كثير من الأحيان نُمنع من انتقادها، لاعتبارات أخوية في أحيان كثيرة ولعدم إعطائها أكبر من حجمها، وهذا هو الواقع. حتى عندما انطلقت قناة العربية، توقع البعض أنها جاءت كردة فعل لتكون بمواجهة قوة وهيمنة قناة الجزيرة القطرية وليس كما يعلن أنها الجزيرة من قطر، بدأت العربية بمشروع إعلامي مغاير تماما، نقلت الثقافة والجوانب السعودية بعيون عربية، كانت ومازالت تمثل الاحترافية المحترمة، عكس الجزيرة التي لم تساير قطر كدولة، ولم تسايرها إلا أنها أتاحت الفرصة لمواطن قطري لقراءة نشرة الأحوال الجوية!! عندما نشاهد حاليا مذيعي القناة قاسم ومنصور وريان وهم يتصدرون المشهد الإعلامي في الدفاع المستميت عن الحكومة القطرية، لا نندهش ونعتبر الأمر طريفا لإفلاسهم من فترة طويلة، وصلت لترحيب فيصل القاسم باللبن التركي بإيماءات سياسية إعلامية طريفة. السعودية رغم بذاءات قناة الجزيرة واستهدافها كثيرا، لم تكن تسايرها بالصورة العدائية التي ولدت هذه القناة من أجلها، الامبراطوريات الإعلامية السعودية فضائيا خصوصا أعطت صورة أخرى للسعودية التي كان ومازال أصحاب الجزيرة يتوقعون أنهم "بعبع" الإعلام العربي!! قناة الجزيرة انتهت كمنبر إعلامي، وهذه حقيقة بدأت منذ تسيد قناة العربية للمشهد الإعلامي وخصوصا دورها أثناء الثورة المصرية وأفول جماعة الإخوان الممثلة بمرسي ومجموعته، وشاهدنا كيف وصلت الدناءة الإعلامية لتخصيص الجزيرة لمصر والتدخل في شؤونها وبأسلوب إعلامي غير أخلاقي، الإعلام السعودي والإماراتي حاليا يتسيد الموقف، لن تكون فرحة القاسم باللبن وبذاءات ريان مؤثرة، هي مرحلة إعلامية وانتهت، وهذه حقيقة.