"الاعتدال" والوسطيّة سمْت ديننا الحنيف، وقد أُعلِنَ في القمة العربية الإسلامية - الأميركية المنعقدة مؤخرًا في الرياض، عن افتتاح المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرف "اعتدال" والذي جاء تعبيرًا لوسطية الإسلام، واعترافًا من العالم بالدور المحوري الذي تقوم به المملكة في محاربة الفكر المتطرف والإرهاب. ولا شكّ أنّ بزوغ "اعتدال" في هذا الظرف، وفي تلك القمّة الجامعة ليحمل رسالةً لنشر الصورة الصحيحة للإسلام، ومواجهة التطرف والإرهاب وتجفيف منابعه، واستئصال جذوره التي تهدد أمن المجتمعات، ولا يقتصر الإرهاب على حاملي السلاح، بل إنّ للإرهاب صورًا عديدةً، وأشكالا أشدّ خطورة من الصورة النمطية المباشرة، فالإرهاب يلبس أردية متنوعة، ويتستر خلفَ مزاعم عديدة، وربما تدعمه كياناتٌ ودول بصورة غير مباشرة. ولا شك أن موقف المملكة الأخير بقطع علاقاتها الدبلوماسية مع قطر كان نابعاً من هذا المنطلق، حين بان للقيادة الحكيمة ضلوع النظام القطري في تأجيج بؤر الصراع بالمنطقة، ودعم بعض التنظيمات المشبوهة، وتورطه مع النظام الإيراني في بث الفتن، وتهديد أمن المنطقة العربية، خاصة منطقة الخليج العربي. الموقف الذي اتخذته المملكة تبنته دول أخرى عديدة أدركت خطورة الدور الذي يقوم به النظام القطري في المنطقة، حيث قطعت مصر والإمارات والبحرين، واليمن وليبيا، وغيرها علاقاتها مع قَطَر، حكومةً، ونظامًا سياسيًا، أمّا الشعب القطري الشقيق، فله تقديره واحترامه وأمنه المكفول له بين باقي الأشقاء أبناء دول الخليج وشعوب الأمة العربية، وأي قرارت تُتخَذ، فهي لا تستهدفُ مواطني قَطَر، وإنّما تستهدفُ ردّ النظام القطري إلى الجادةِ التي انحرف عنها ببعض الممارسات التي تواترت، وأساءت إلى دُول الجوار، وهددتْ أمنهم. وقد أعلنت المملكة أنها ستظل سندًا للشعب القطري الشقيق وداعمة لاستقراره وأمنه، وأنها تلتزم بتقديم كافة التسهيلات للحجاج القطريين والمعتمرين. وتقرّ بأنّ الشعب القطري امتداد طبيعي وأصيل لإخوانه في المملكة، وأنّ أي إجراء لمغادرة مواطنين قطريين أرض المملكة إنما هو إجراء احترازي لأسباب أمنيّة، ودوافعه تلك الانتهاكات التي تمارسها سلطة الدوحة، وتستهدف شق الصف السعودي الداخلي، ودعم نشاطات الجماعات المدعومة من إيران. إنّ موقف المملكة من قَطَر موقف مسؤول بالأخذ على يد المخطئ، وردّ سلطة الدوحة عن الظلم، بالانتصار للحق، والوقوف صفًا في مواجهة أي محاولة لشق الصف العربي وتهديد استقراره. وحتى تعود سلطة الدوحة لجادة الصواب وتصحيح مساراتهم الخاطئة التي انتهجوها، والتي قد يطالهم شررها. كان لزامًا على المملكة أن تتخذ ما تراه من إجراءات لضمان أمن شعبها، وسلامة مجتمعها، وأمن المنطقة العربية كافة.. حفظ الله بلادنا من كل سوء.