انتشرت في الآونة الأخيرة بكثافة أخبار تُحرّض على المملكة صادرة عن مركز بروكينجز البحثي الذي يدعي الحياد، إلا أن مضمون الأخبار التدخلي بالأزمة الخليجية لا يوحي بحيادية المركز وأميركيته الخالصة، حيث أخذ إعلاميون محسوبون على قطر بالترويج لأخباره، وكان آخرها إحصائية مزعومة تشير إلى أن أكثر الحسابات المؤيدة لداعش تخرج من المملكة، الأمر الذي تكذبه الحصانة الأمنية الإلكترونية العالية في المملكة، والتي تحاصر هذه الحسابات إن كانت موجودة أصلاً وتمنعها من الاستمرار لأكثر من ساعات، عدا عن قدرة السلطات الأمنية الوصول لصاحب الحساب حتى لو كان متخفيا باسم وصورة وهمية. الترويج ل"الحل الإخواني" بأوامر قطرية رغم فشلهم في مصر موظف سابق في بروكنجز يحذر أعضاء الكونغرس: المعهد لن يمنحكم القصة الكاملة بروكنجز والتحول يُصنف معهد بروكنجز للأبحاث نفسه على أنه واحد من أهم المعاهد وأكثرها تأثيراً في الولاياتالمتحدة إلا أنه مع العام ألفين وثمانية فقد المعهد في واشنطن مصداقيته حين بدأ يتقاضى أموالاً طائلة من قطر التي افتتحت فرعاً خاصاً للمعهد في الدوحة وبدأت تنشر عبره دراسات تتطابق مع سياسات قطر ومخططاتها للمنطقة.. العلاقة بدأت باتصال بين أمير قطر السابق حمد وماتين اينديك المدير السابق لمعهد بروكينجز حيث أخبر اينديك حمد برغبة المعهد بالتوجه إلى العالم الإسلامي بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر فوعد الأمير حمد اينديك بتمويل غير محدود للمعهد مقابل إقامة الندوة الأولى لبروكنجز في العالم العربي في الدوحة تحديداً، ثم تطورت العلاقة لتطلب قطر افتتاح مركز للمعهد في الدوحة حيث بدأت دراسات المعهد بالانحراف، وبدأت الصحف الأميركية بوضع إشارات استفهام حول ما بدأ ينشره المعهد.. في سبتمبر العام ألفين وثلاثة عشر قامت صحيفة النيويورك تايمز بتحقيق صحفي مطول يسلط الضوء على نشاطات معهد بروكنجز التي بدأت تبدو غريبة ومنحازة بالنسبة للكثير من العاملين في مجال مراكز الأبحاث في واشنطن، حيث كشفت النيويورك تايمز عن أن قطر هي الممول الأكبر على الإطلاق لمعهد بروكينجز منذ العام ألفين وثلاثة عشر. إلا أن تمويل قطر للمركز بدأ في العام ألفين وواحد، حيث كانت أول دفعة تمنحها قطر للمعهد بقيمة 2.9 مليون دولار في العام ألفين وأحد عشر ثم 100 ألف دولار في العام ألفين واثني عشر ثم 14.3 ملايين دولار في العام ألفين وثلاثة عشر، ثم تبنت قطر برنامج بروكينجز للأبحاث حول العالم الإسلامي الذي يستمر حتى يومنا هذا.. وعلى الرغم من المبالغ الطائلة والغير معلن عن الكثير منها لا تعتبر الأموال الممنوحة من قطر للمعهد دليل إدانة كافي لعدم مصداقية المعهد وانحيازه، ولم يكن الإعلام الغربي ليهتم بالتحقيق في توجهات بروكينجز الجديدة بعد التعامل مع قطر لو لم تكن هناك أدلة إدانة كافية أكبر من التمويل القطري للمعهد. بروكنجز يهاجم المملكة يقول معهد بروكنجز الذي يرى قطر "دولة رائدة في حقوق الإنسان" ما تخجل قناة الجزيرة وإعلاميو قطر من قوله عبر المنابر القطرية الرسمية من تحريض ضد المملكة العربية السعودية، حيث نشر دانيال بايمان عقب إقرار قانون جاستا وهو أحد باحثي بروكنجز مادة مطولة تشرح للقارئ الأميركي سبب قانون جاستا وأبعاده متهماً المملكة العربية السعودية بامتلاك شبكة معقدة من المسؤولين الغير رسميين الداعمين والمديرين للإرهاب حول العالم، كما يقترح الكاتب في بروكنجز "الممول قطرياً" بالخط العريض على الإدارة الأميركية تطبيق المزيد من الضغط على المملكة لتغير سياساتها، كما كان بروكنجز السباق في تلفيق الأخبار الكاذبة عن المملكة.. فضلاً عن أن أخبارها وتحليلاتها حول الأزمة الخليجية الأخيرة لا تتعدى كونها فرعا آخر للجزيرة باللغة الإنجليزية. الاستثناء القطري يصرّح "سليم علي" الذي عمل في معهد بروكنجز في الدوحة للنيويورك تايمز بأنه "لا مكان لانتقاد الحكومة القطرية في هذا المكان" محذراً "إذا أراد أحد أعضاء الكونغرس استخدام تقارير بروكنجز، يجب أن يدركوا -أنهم لا يحصلون على القصة الكاملة، قد لا يحصلون على قصة زائفة، لكنهم بالطبع لن يحصلوا على القصة الكاملة".. شكّل العام ألفين وثمانية نقطة تحول في سياسات معهد بروكينجز حيث بدأ متابعو المركز يشعرون بتأثير المال القطري ليس بين سطور ما ينشره المعهد فحسب بل من خلال العناوين العريضة المروجة للأسرة القطرية الحاكمة دون مواربة.. في العالم ألفين واثني عشر نشر سلطان بركات مدير بروكنجز في قطر آنذاك -وشغل مركز المدير المؤسس لمركز الدوحة للدراسات- بحثا مطوّلا يحكي عن تعاظم دور قطر كمدير لسياسات المنطقة وصانعة للسلام بعنوان "دور قطر الناشئ في صنع السلام" حيث قال الكاتب "برزت قطر في الربيع العربي كقائد صريح ومتقدم للدول العربية، عنده الاستعداد والقدرة على الاستفادة من مجموعة من مبادرات القوة الصلبة والناعمة لتحقيق أهداف سياستها الخارجية". كما تسائل مركز "IPT" لمكافحة التطرف في الألفين واثني عشر، كيف يمكن لخطاب مروج لقطر على أنها صانعة سلام أن يخرج من مركز بحثي أميركي في ضوء بروز قطر في تلك الفترة كداعم لحركات إرهابية وللقاعدة، حيث كانت ويكيليكس قد سربت في نفس الفترة عن مسؤول رفيع المستوى في وزارة الخارجية الأميركية في الثلاثين من ديسمبر ألفين وتسعة، بأن "المستوى العام للتعاون [لمكافحة الإرهاب] في قطر يعتبر الأسوأ في المنطقة"، "القاعدة، طالبان، وغيرها من الجماعات الإرهابية تلجأ لقطر لجمع التبرعات".. ولا تخفى تبعية وصلات بروكنجز بعد الألفين وثمانية لقطر على أحد في واشنطن، حيث انتقد رئيس مركز هيريتيج البحثي العريق فيليبس جيمس صلات بروكنجز بقطر التي غيرت من منهج المعهد حيث يقول لمركز IPT "إن قطر تمول الكيانات الأجنبية لسبب ما، وغالباً هو تحقيق أهداف السياسة الخارجية الخاصة بها، والتي تتطلب العمل عن كثب مع أيديولوجيين متطرفين لتمكين الحركات المدعومة منها"، وعن بروكنجز يقول جيمس "المعهد خاطر بقبول أموال قطر ليتحول لأداة بيدها ولسوء الحظ من الممكن أن يساعد المعهد في إضفاء الشرعية على الجماعات المتطرفة التي تدعمها قطر ويروج لها في الغرب، مضيفاً بأن المغزى الضمني الكامن في قبول الأموال من الحكومات الأجنبية هو أحد الأسباب التي تجعل مؤسسة "هيريتيج العريقة" لا تقبل التمويل من الحكومات الأجنبية أو حتى الحكومة الأميركية، التي غالبا ما تعلق سلاسل في رقابنا مقابل تبرعاتها". خدمات مستمرة لقطر لو تابعنا دراسات معهد بروكينجز من العام ألفين وثمانية للآن لوجدنا أنها تتبع سياسات قطر خطوة بخطوة دون أن تحيد عن الخط القطري قيد أنملة ففي يناير 2014م نشر معهد بروكينجز دراسة مطولة تطالب الرئيس أوباما بعدم تصنيف تنظيم أحرار الشام المدعوم تركياًوقطرياً على قوائم الإرهاب متجاهلاً حقيقة أن مؤسس أحرار الشام هو محمد بهية، المعروف أيضا باسم أبو خالد السوري، وهو من كبار منظمي القاعدة، عدا عن مشاركة أحرار الشام لتنظيم القاعدة بكل المعارك على الأرض السورية. حيث قالت مقالة بروكينغز " يشكل تنظيم أحرار الشام أفضل أمل في سوريا لهزيمة داعش" مع العلم أن أحرار الشام تقاتل حتى اللحظة مع تنظيم القاعدة في سورية وتتمركز في نفس نقاط رباط القاعدة ولم تقم بمبادرة جدية واحدة لدحر داعش فضلاً عن اصطفافها مع القاعدة لمقاتلة فصائل أخرى معتدلة مدعومة عربياً. دعم الإخوان المسلمين كتب بيتر دبليو سينجر، المنسق المشارك لمؤتمر بروكينغز 2002م في مداولات المؤتمر أن أحزاب الإسلام السياسي غير العنيفة، تحتاج إلى الاندماج في النظم السياسية في البلدان ذات الأكثرية الإسلامية، مضيفاً "في التعامل مع الديمقراطيات المزدهرة هناك نتيجة عامة هي أن الأطراف الخارجية يجب أن تدعم دمج الأحزاب الإسلامية في النظام السياسي بدلاً من استبعادها لأن هذا هو المفتاح الوحيد الذي يبقي المعتدلين معتدلين دون طردهم إلى خارج هياكل السلطة وإرغامهم على العنف". وعلى الرغم من إثبات تجربة وصول الإسلام السياسي للحكم في مصر فشلها واصل باحثي بروكينجز الدعوة إلى تضمين جماعة الإخوان المسلمين في العملية السياسية في مصر حتى في أعقاب هزيمتها، كما تبرر "تمارا كوفمان ويتس" احدى باحثات مركز بروكنجز مواقف الإخوان المسلمين قائلة: "إن الإسلاميين بمن فيهم جماعة الإخوان المسلمين، وجبهة العمل الإسلامي في الأردن، وحزب العدالة والتنمية المغربي، يختلفون عن جماعات تنظيم القاعدة." وتقول "إنهم يريدون تحويل المجتمع والحكومة إلى مجتمع أكثر إسلامية في العلن وليس عبر التغيير الثوري".. بينما دحضت أحداث الربيع العربي هذه الادعاءات الكاذبة للإخوان حيث كانوا أول من حرف الثورات من السلمية نحو التسليح،حيث لم يكن في بلدان كسورية وليبيا أي جماعة منظمة ومدعومة سواهم لذلك نصبوا أنفسهم أوصياء على الثورات وإدارتها واستجلبوا لها السلاح والدعم الخارجي الذي أزّم الأوضاع. بعد شهر واحد من تصريحات "تمارا ويتس" المستجدية للإدارة الأميركية والمنظومة الدولية للقبول بالإخوان سقط الإخوان وكانت هذه كلمات تمارا في بروكينجز مرة أخرى حول مصر: "على الولاياتالمتحدة أن تضع مسافة بينها وبين الجيش المصري الذي يثير شبح المعاداة لأميركا وينتهك حقوق الإنسان، وينشط الجهاز القمعي للديكتاتورية القديمة" مضيفةً: "على أميركا أن توقف المساعدة العسكرية لمصر حتى زوال الانقلاب العسكري" كما تحدثت تمارا ويتس عبر بروكينغز بصيغة تهديدية للغرب والمنطقة محذرة في مناسبات عديدة من أن الحملة ضد الإخوان ستقود أعضاء الحركة إلى اللجوء إلى الإرهاب. كما كتبت دانييل بيمان مديرة الأبحاث وزميلة بارزة في مركز بروكنجز لسياسة الشرق الأوسط أن إقالة مرسي أعطت مصداقية لتنظيم القاعدة بأن المشاركة في السياسة الانتخابية كانت "غادرة" وأن "المشروع الإسلامي يمكن أن يتقدّم فقط من خلال العنف".. وأخيراً مهما أنكرت قطر وصايتها على معهد بروكينجز منذ اثني عشر عام على الأقل لليوم، يكفي مراجعة توصيفات المعهد لدولة قطر على أنها دولة راعية للسلام والعلم وملتزمة بحقوق الإنسان والديموقراطية مقابل مهاجمة المملكة العربية السعودية لندرك أن الكذبة أكبر من القدرة على تصديقها، فلن نجد معهد أو منبر أميركي يماشي دولة دفعت للقاعدة وحماس وأعادت إحياء جماعة الإخوان المسلمين في كل سياساتها اضافة الى محاربة المركز لمناوئي الدوحة ودفاعه عن أصدقائها وعلى رأسهم نظام مرسي الذي كان منبوذ في الأوساط الأميركية وبالكاد تقدر أن تجد كلمة ايجابية عنه في الدراسات الاميركية. كل هذا تجده في بروكنجز المعهد الجاهز لتبرير قطر ومواقفها في كل المناسبات والظروف وانبراء المعهد لاطلاق الدراسات الغريبة والمشكوك بأمرها مع اشتعال أزمة الخليج وحاجة قطر لأصوات غربية للدفاع عنها بعد عزلها فسّر كل شئ.