ما تشهده طرقات المملكة من اختناقات مرورية، وبالذات في أوقات الذروة، يرجع سببه الرئيسي برأيي، إلى غياب المرور عن المشهد بالكامل، وكأن الأمر لا يعنيه. وما يؤكد على غياب المرور عن المشهد المروري المرتبط بالاختناقات المرورية، كثرة تلك الاختناقات المرورية على مستوى المملكة، للدرجة التي أصبح فيها الأمر مألوفاً لقيادي المركبات، وبالذات بطرقات وجسور ومداخل ومخارج معينة، والتي في الغالب ما تمثل شريانات رئيسية للحركة المرورية، مما يتسبب في مضاعفة مشكلة الإزدحام المروري، أو بمعنى أدق وأوضح في الفوضى المرورية التي تعيشها طرقات المملكة. مشكلة الاختناقات المرورية تزداد سوءًا وتتضاعف حدتها، وبالذات خلال فترات المواسم والمناسبات وفي أيام الأعياد، ولعل خير دليل على ذلك ما يشهده شهر رمضان المبارك من كل عام من اختناقات مرورية رهيبة، تتسبب في حدوث ازدحامات مرورية غير طبيعية وغير مألوفة، وفي وقوع حوادث مرورية متعددة. كما أن الاختنافات المرورية، تتسبب في حدوث حالة من الارتباك والشلل المروري، والذي بدوره ينعكس بشكل سلبي للغاية على سلوكيات قائدي المركبات، نتيجة لحالات التوتر العصبي التي يعايشونها خلال تلك الاختناقات المرورية. اعترف مدير الأمن العام الفريق عثمان المحرج، في تصريح نشر بهذه الصحيفة بالعدد (17381)، بأن أداء إدارات المرور غير مرضٍ، منتقدا ما اعتبره عدم وجود أي تطور ملموس، متوعداً في نفس الوقت، برصد أداء المرور حتى يتغير ويقول المجتمع كلمته لما يشاهدونه من تغير ملموس. إن اعتراف المسؤول الأمني بالتقصير يتطلب التعمق في مشكلة ضعف الكفاءة الإدارية للمرور، وبالذات فيما يتعلق بتنظيم الحركة المرورية، من خلال توظيف التقنيات المرورية الذكية والحديثة، ونشر عدد كاف من رجال المرور بالطرقات لتنظيم الحركة المرورية وفك الاختناقات المرورية، كبديل عن تطبيق الحلول التقليدية البالية والعقيمة، كإغلاق المداخل والمخارج أو تضيقيها بوضع الحواجز الأسمنتية وباستخدام سيارات المرور. إن التغلب على مشكلة الاختناقات المرورية بشوارع وبطرقات المملكة الرئيسية، يتطلب إيجاد حلول جادة (خلاقة وإبداعية)، كتغيير مسارات الشوارع والمداخل والمخارج وليس مجرد إغلاقها أو تضييق مساراتها. إن التعامل مع المشاكل المرورية، التي من بينها الاختناقات المرورية، سيساعد في القضاء على الفوضى المرورية التي تعيشها بلادنا، وفي التخفيف من حدة حوادث السيارات، التي تُزهق أرواح أكثر من 7000 شخص سنوياً، وتخلف وراءها أكثر من 35 الف مصاب منهم 10 في المئة، إصاباتهم مقعدة، وتشغل اكثر من 30 في المئة من مستشفيات وزارة الصحة. باختصار شديد، مطلوب من إدارة المرور التعامل مع المشاكل المرورية بما يوازي حجمها.